شهدت مدينة عدن خلال الأيام الماضية تصعيداً شعبياً غير مسبوق، تجسّد في ثلاث موجات احتجاجية غاضبة، أطلقتها نساء عدن بشجاعة لافتة، وتبعها اليوم خروج حاشد لثورة الرجال، ليجتمع الصوتان معاً في ساحة العروض بخور مكسر، رافعين راية الكرامة والمطالبة بأبسط حقوق الحياة الكريمة.
الشارع العدني لم يعد يحتمل الصمت. خرجت النسوة مرتين ، بقلوب أمهات موجوعة وأرواح نساء منهكات من العتمة والعطش والجوع. طالبن بالكهرباء التي غابت عن منازلهن، بالماء الذي صار حلماً في المدينة الساحلية، وبرواتب تكاد تتبخر أمام واقع اقتصادي خانق. كانت صرخاتهن أكثر من مجرد احتجاج، كانت نداء استغاثة من عمق المعاناة.
واليوم، انضم الرجال، في مشهد مهيب اتشح بالغضب والكرامة، ليكملوا ما بدأته النساء، ويعلنوا بصوتٍ موحد: كفى صمتاً. كفى تجاهلاً. كفى عبثاً بحياة الناس.
مطالب المحتجين كانت واضحة وبسيطة:
توفير الكهرباء بشكل مستقر.
صرف الرواتب بانتظام دون مماطلة أو فساد.
وضع حلول سريعة لانهيار العملة وارتفاع الأسعار.
تحسين البنية التحتية والخدمات الأساسية.
رفرفت اللافتات، وارتفعت الهتافات، واختلطت دموع النساء بغضب الرجال. المشهد لم يكن مجرد احتجاج، بل صرخة ضمير، تحذير صادق بأن الصبر بدأ ينفد، وأن عدن رغم كل ما تحملته ما تزال قادرة على النهوض إن وجدت من يسمع ويستجيب.
"من لا يسمع صوت أمهاته وأبنائه، لا يستحق أن يحكمهم"، هذا ما قاله أحد المشاركين وهو يرفع لافتة كتب عليها: "نريد أن نعيش، لا أن نموت ببطء!".
عدن اليوم ليست فقط مدينة تعاني، بل مدينة تنبض بالحياة رغم الألم، وتكتب بشجاعة أبنائها ودموع نسائها فصلاً جديداً من الكرامة والحرية.
هل ستصغي الجهات المعنية؟ أم أن الصمت سيكون ردهم الوحيد؟
الشارع العدني ينتظر... لكن هذه المرة، لن يصمت طويلاً.