عدن الغد / حوار: محمد وحيد المقطري
يتجدد لقاؤنا في عدن الغد مع الشخصيات اللامعة في مجالات العمل الخيري والرياضي والاجتماعي، ونصل اليوم إلى محطة مختلفة، حيث كان لنا هذا اللقاء الخاص مع الأستاذة دنيا هاني علي كوكا، إحدى أبرز الناشطات اليمنيات في مجال المناخ والسياسات البيئية، وباحثة ومستشارة معتمدة في قضايا العدالة المناخية والنوع الاجتماعي، التي فتحت لنا نوافذ مهمة في عالم البيئة والتغير المناخي، وحدثتنا عن تجربتها الغنية الممتدة من المؤتمرات الدولية حتى المبادرات المحلية في اليمن.
س1: بدايةً، نرحب بك أستاذة دنيا، هل تعرفين القراء بنفسك وبطبيعة عملك؟
أهلاً وسهلاً، وشكراً لكم على هذه الاستضافة.
أنا دنيا هاني علي كوكا، ناشطة شبابية يمنية في مجال المناخ والسياسات البيئية، حاصلة على بكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة عدن. أعمل كباحثة واستشارية في مشاريع بيئية مختلفة، وشاركت في مؤتمرات دولية كبرى مثل COP29 في باكو وCOP16 في الرياض. أدير مبادرات تهدف إلى دمج تأثيرات التغير المناخي في أجندة النساء والسلام والأمن، وقدمت العديد من الأوراق البحثية، منها ورقة سياسات بعنوان: “التغير المناخي والنساء في اليمن”، لدى مؤسسة مبادرة مسار السلام الدولية. كما أعمل على تيسير جلسات حوارية مع جهات حكومية ودولية، وأنا عضوة في شبكة القيادات الشبابية اليمنية التابعة لمؤسسة فريدريش إبرت الألمانية.
س2: كيف يمكن للقطاع الخاص أن يساهم في مكافحة التغيرات المناخية؟
القطاع الخاص يمتلك أدوات قوية للتأثير الإيجابي، ويمكنه أن يلعب دوراً محورياً من خلال الاستثمار في الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية والرياح والهيدروجين الأخضر، والابتكار في التكنولوجيا النظيفة. كما يمكنه تبني نموذج الاقتصاد الدائري لتقليل النفايات وإعادة التدوير، وتقليل البصمة الكربونية عبر تحسين كفاءة العمليات واستخدام مواد مستدامة.
ومن المهم أيضاً أن يدعم هذا القطاع التمويل الأخضر، وينشر ثقافة الاستدامة داخل مؤسساته، ويشارك في المبادرات البيئية المحلية والدولية كاتفاقية باريس للمناخ.
س3: هل يمكن أن تذكري لنا بعض النماذج الناجحة في هذا المجال؟
بالتأكيد، هناك أمثلة ملهمة عالمياً ومحلياً.
دولياً، لدينا:
• Tesla التي تقود التحول نحو النقل النظيف.
• Ørsted الدنماركية، التي تحولت من الفحم إلى الطاقة المتجددة بالكامل تقريباً.
• IKEA التي تعتمد كلياً على الطاقة المتجددة، وتسعى لتقليل بصمتها البيئية.
أما محلياً:
• ACWA Power السعودية، التي تقود مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
• Enova الإماراتية، التي تقدم حلولاً فعالة لإدارة الطاقة والكفاءة البيئية.
س4: ما هي السياسات الخضراء التي ترينها ناجحة وفاعلة؟
السياسات الخضراء الناجحة تندرج تحت مستويات عدة. فعلى المستوى الدولي مثلاً، نجد:
• مبادرة Energiewende في ألمانيا.
• أهداف الحياد الكربوني في المملكة المتحدة.
• سياسات الاقتصاد الدائري في الاتحاد الأوروبي.
• برنامج الحزام الأخضر في الصين لمكافحة التصحر.
وعلى مستوى الأفراد: تقليل استهلاك الطاقة، واستخدام النقل العام، ودعم المنتجات المستدامة.
أما على المستوى المحلي والدولي، فهناك أهمية كبرى لتشريعات تقيد الانبعاثات، ودعم البحوث والابتكار، والمشاركة في الاتفاقيات الدولية، مع توفير دعم خاص للدول النامية.
س5: كيف يُقاس نجاح مثل هذه السياسات البيئية؟
يُقاس النجاح بعدة مؤشرات:
1. خفض الانبعاثات الكربونية.
2. كفاءة استخدام الموارد كالمياه والطاقة.
3. تحسن جودة الهواء والماء والتنوع البيولوجي.
4. خلق وظائف خضراء ونمو الاقتصاد البيئي.
5. مستوى وعي المجتمع والمشاركة في السياسات.
هذه المعايير تتيح لنا قياس التحول الحقيقي على الأرض، وليس فقط على الورق.
س6: هل هناك تعاون بينكم وبين منظمات دولية في هذا الإطار؟
نعم، فالشراكات الدولية ضرورية جداً في هذا المجال.
وبصفتي رئيسة مبادرة سفراء التنمية، أؤمن بأن الأهداف العالمية للتنمية المستدامة، خاصة الهدف السابع عشر المعني بالشراكات، لا يمكن تحقيقها بدون تعاون عابر للحدود. نحن نعمل مع منظمات دولية لتبادل الخبرات، توسيع نطاق التأثير، وتوفير حلول ابتكارية للمجتمعات المتضررة من التغير المناخي.
س7: وكيف تساهم هذه الشراكات فعلياً في تعزيز العمل البيئي والمناخي؟
الشراكات تُحدث الفرق الحقيقي، فهي توحّد الموارد والخبرات، وتمكن المجتمعات من التصدي لتحدياتها الخاصة. الحكومات، الشركات، الأفراد، والمنظمات… عندما يعملون معاً، تتسارع عجلة التغيير وتُفتح آفاق جديدة أمام الابتكار والحلول الجذرية.
س8: ما هي رسالتك التي تودين توجيهها للمجتمع في ختام هذا اللقاء؟
رسالتي بسيطة وعميقة:
لكل من يحلم بعالم أفضل، تذكروا أن كل خطوة صغيرة نحو التغيير تصنع فرقاً كبيراً. نحن أبناء الأرض، وهي بيتنا المشترك، فلنحفظها.
ارفعوا أصواتكم، ازرعوا الأمل، وكونوا النور في أزمنة العتمة، فكل واحد منا سفير للتنمية، وصاحب رسالة، مهما بدا الطريق طويلاً أو شاقاً.
وفي الختام…
أتوجه بالشكر الجزيل للصحفي المتألق محمد وحيد المقطري، الذي أثار بأسئلته العميقة الكثير من الأفكار التي كانت حبيسة داخلي. هذا النوع من الحوارات ضروري لتسليط الضوء على قضايا مصيرية كالتغير المناخي، وأتمنى أن تستمر هذه اللقاءات في إثراء وعي المجتمع وتحفيزه نحو التغيير الحقيقي.