آخر تحديث :الأربعاء-14 مايو 2025-05:42م
ملفات وتحقيقات

الحوثي يلغم اليمن.. دلالات وأبعاد ضبط ثلاثة ملايين صاعق ومتفجرات بالبحر الأحمر

الأربعاء - 14 مايو 2025 - 03:05 م بتوقيت عدن
الحوثي يلغم اليمن.. دلالات وأبعاد ضبط ثلاثة ملايين صاعق ومتفجرات بالبحر الأحمر
(عدن الغد) موسى المقطري - الصحوة نت:

تمكنت قوات خفر السواحل في البحر الأحمر السبت الماضي، من إحباط واحدة من أخطر عمليات تهريب العتاد العسكري، حيث ضبطت شحنة ضخمة تحتوي على ثلاثة ملايين صاعق تفجير وأسلاك بطول 3600 كيلومتر وأجهزة اتصال فضائي ومعدات أخرى.

الشحنة التي كانت في طريقها إلى مليشيا الحوثي الإرهابية قادمة من سواحل جيبوتي، وكان من المقرر أن تصل إلى ميناء راس عيسى، والأهم أن عملية التهريب هذه على ضخامتها تكشف عن الوجه الحقيقي للمليشيا المدعومة من إيران، وتثير تساؤلات ملحة حول مستقبل الأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة بأكملها في ظل وجود هذه المليشيا.


الوجه الآخر للشحنة

الشحنة هذه لا تمثل مجرد كمية من المعدات العسكرية تم ضبطها، بل مؤشرات واضحة الدلالة على خطة تصعيد شاملة يتهيأ لها الحوثيون، فالصواعق الكهربائية والأسلاك الخاصة بالتفجير تُعد من المكونات الأساسية لتصنيع الألغام والعبوات الناسفة والقوارب المفخخة والطائرات المسيرة الهجومية، وهي أدوات تدمير واسعة النطاق يُعرف الحوثيون باستخدامها في المناطق المدنية والمزارع والمدارس والطرقات والممرات المائية.

ووفقاً لتقارير حقوقية فإن الحوثيين قاموا بزرع أكثر من مليون لغم أرضي منذ بدء الحرب، ما أسفر عن مقتل وإصابة الآلاف من المدنيين، والشحنة الأخيرة توحي بنية الجماعة الإرهابية لتوسيع هذا النهج بشكل كارثي، في ظل غياب أي مؤشرات أو نوايا للتراجع أو الانخراط الجاد في مسار السلام.


إيران حاضرة والحوثي أداة

لا يمكن قراءة هذه التطورات بمعزل عن الدور الإيراني المتصاعد في المنطقة، فالميليشيا الحوثية باتت اليوم واحدة من أهم أدوات طهران في تنفيذ سياساتها التخريبية، خصوصاً في ظل التوترات المرتبطة ببرنامجها النووي وسعيها لتعزيز تواجدها العسكري في المنطقة بعد خسارة نفوذها كلياً في سوريا وشبه كلي في لبنان وجزئياً في العراق.

ويبدو من خلال الشحنة أن إيران تدفع بالحوثيين نحو تعقيد المشهد العسكري والأمني في اليمن ومحيطه بغرض الحفاظ على أوراق ضغط إضافية توظفها في أي مفاوضات دولية تخصها، أما اليمن فسيبقى وفق الأجندة الإيرانية ساحة مفتوحة لدفع أثمان هذا الصراع، سياسياً وإنسانياً وأمنياً.


مستقبل مفخخ

تكشف الشحنة الأخيرة عن محاولة لتكريس واقع جديد في اليمن عنوانه: "بلد مفخخ بالكامل"، ليس بالألغام فقط بل بالفوضى والجهل والطائفية، فبعد أن تأكد للحوثيين استحالة إعادة مشروعهم الإمامي القائم على التمييز والسلالية، لجأوا إلى استراتيجية الأرض المحروقة، وهدفها تدمير مقدرات الدولة وتهجير الكفاءات وتفخيخ العقول كما تفخخ الأرض.

التقارير الميدانية تظهر أن المليشيا لا تكتفي بزرع الألغام، بل تعمل على تغيير المناهج التعليمية ونشر خطاب كراهية طائفي وتجنيد الأطفال وتحويل المدارس إلى معسكرات تدريب في محاولة لإعادة صياغة الهوية اليمنية على مقاس “المرشد الإيراني”.

يمكن قراءة الشحنة على أنها رسالة سياسية واضحة للداخل اليمني بأن المليشيا لا تنوي التراجع، بل ماضية في خيار الحرب والقتل والدمار، وللخارج أن جماعة الحوثي الإرهابية لازالت بندق مأجور جاهز للاستخدام كذراع إيرانية في باب المندب والبحر الأحمر، وبأن دورها في زراعة الفوضى في الإقليم لازال سارياً.

ورغم التطورات الخطيرة فلا تزال ردود الفعل الدولية ضعيفة، بل ويتهم مراقبون بعض القوى الدولية بأنها تتغاضى عن جرائم الحوثيين في سبيل مصالح آنية أو تفاهمات مع إيران، والأسوأ أن هذا الصمت يُفسّر من قبل المليشيا كضوء أخضر للاستمرار في مشروعها التدميري، وسيدفع نحو انفجار أكبر ستكون له تداعيات على الأمن الاقليمي والعالمي.


اليمنيون.. درع الصمود الأول

في المقابل ورغم كل المعاناة فإن اليمنيون يؤكدون في كل يوم ومع كل حدث أن مشروع الحوثي لن ينجح، وأنهم مستمرون في مقاومته مهما كانت التكاليف، فالذاكرة الجمعية لليمنيين ترفض العودة إلى عصور الإمامة، وترفض أن تتحول بلادهم إلى "ولاية خامسة" لإيران.

ضبط شحنة كهذه لا يجب أن ينظر إليه كحدث عابر بل هو مؤشر خطير على أن الارهابيين الحوثيين لا يمتلكون النية للسير في طريق السلام، بل يسعون لإعادة صياغة اليمن على مقاس النموذج الإيراني المرتكز على صناعة مليشيات بارعة في صناعة الفوضى في اليمن والمنطقة.

كل هذه الدلات تؤكد أن كبح هذه النوايا السيئة مسؤولية لا تقع على عاتق اليمنيين وحدهم، بل على المجتمع الاقليمي والدولي بأسره، وعلى الجميع أن يعي أن أمن البحر الأحمر واليمن والمنطقة والعالم بات على المحك أكثر من اي وقت مضى.