شهدنا في الأسبوع المنصرم عدد من الاحداث والوقائع التي تستحق التسجيل والتأمل لما تحمله من معاني ودلالات على صعيد المشهد السياسي في البلاد والذي يشهد تصعيدا في اكثر من اتجاه في اطار سياسه كسر العظم واثبات الوجود لقوى النفوذ في الساحة وبالذات بعد ان أسدل الستار على مسرحيه مؤتمر الحوار التي أدت دورها المرسوم في التهدئة ونزع فتيل الانفجار ولكنها لم تنهي جذور الصراع وأبعاده ، بل يمكن القول ان مخرجات هذا الحوار ومقترحات التقسيم الى أقاليم ، ربما تشكل مقدمات لتعميق الصراع والتأسيس لاتجاهات صراع وتحالفات جديده ، كما يبدو لان هذا التقسيم لا تنظر اليه القوى التقليدية المتنفذة بعين الرضى بل تنظر اليه بكونه مشروعا يهدف الى إنهاء وتقليص مقاليد الهيمنة والسيطرة والنفوذ ، والاستئثار لمثلث قوى الحكم التقليدية ( القبيلة ، العسكر ، المذهب) التي كانت تتمتع بها لقرون ومارستها تجاه بقيه المناطق التي تسعى للانعتاق والتحرر من هذا السيطرة ،وايضا تجاه مناطق الجنوب التي ضمت بالقوة في عام ١٩٩٤ كمناطق فيد ونفوذ جديده ، لهذا من الطبيعي ان تسعى هذه القوى لتعطيل واعاقه اي توجه من شانه تقليص مساحات هذه السيطرة والنفوذ ، ولعل ابرز مثال على ذلك:
>>> -موقفها من ثوره التغيير التي قام بها الشباب في عام ٢٠١١ حيث استطاعت احتواء وتسخير الثورة لصالحها ،
>
>>> -وايضا موقفها من حركه الحوثي وشن الحروب المستمرة ضده ، بعد ان لبسوا رداء السلفية والوهابية كبديل لمواجهه المدرسة الزيدية في عقر دارها .
>>> - و كذا موقفها من القضية الجنوبية طيلة فتره العامين المنصرمين ، بإبقاء المناطق الجنوبية تحت السيطرة للحفاظ على المصالح التي حققتها لهم حرب ١٩٩٤ ،وهي المصالح التي لم تتعرض لأي ضرر او لأي اجراء منذ عمليه التغيير .
>>> ، ولتأمين مصالح هذه القوى في مناطق الجنوب عمدت هذه القوى الى تشجيع ونشر الفوضى في كل المناطق من خلال ما يسمى بإيجاد الفراغ الأمني المؤدي الى الانفلات الأمني عبر أضعاف الأجهزة الأمنية بشتى السبل بما في ذلك مسلسل الاغتيالات الكثيرة لعديد من الضباط المشتغلين في الأجهزة الأمنية والعسكرية ( آخرهم اغتيال العقيد احمد محمد هاشم الجحافي يوم السبت ٢٢/٢/٢٠١٤ في مدينه عتق).
كما عمدوا الى دعم وتشجيع تواجد ونفوذ ما أطلقوا عليهم أنصار الشريعة وتمكينهم من السيطرة على مناطق بكاملها مثلما حصل في ابين ، وتمكينهم من توجيه هجمات على مواقع ومؤسسات لم تزل حتى اليوم محل شك واستفهام، كما حصل لقياده حضرموت العسكرية او لمستشفى العرضي ، او التفجير المروع لمبنى امن عدن .اضافه الى ظاهره هروب المساجين من أعضاء التنظيم من سجون مركزيه، كما حصل في حضرموت وصنعاء مؤخراً
>> يفسر الكثير من المهتمين ان الغاية من ذلك يتمثل :
اولا : في إيجاد ورقه ضغط قويه تستخدمها هذه القوى وقت الحاجه بوجه الرئيس عبدربه منصور المنتخب كرئيس توافقي في حال خروجه عن حدود ما هو مرسوم له خلال فتره العامين وفي حال تعرضت مصالحهم او نفوذهم للتهديد .
>> ثانيا : في ابقاء مناطق الجنوب كمناطق غير أمنه وغير مستقرة أمنيا في نظر دول الإقليم والعالم بكونها مناطق خاضعه لنفوذ قوى التطرف والإرهاب وليس لقوى الحراك الجنوبي ، وفي حال أرادت قوى الحراك الجنوبي فرض نفوذها في مناطقها فعليها اولا مواجهه هذه القوى ، اي زج الحراك في صراع مسلح ومواجهات جانبيه لإثبات قدرته على السيطرة على الارض للحصول على اعتراف الخارج الإقليمي والدولي بوجوده كبديل قادر على تأمين مصالحها .
>> في اطار هذا القراءة يمكن تفسير مظاهر التصعيد والعودة الى العنف وسياسات القمع التي تمارسها السلطة في ألوانه الاخيره في مناطق الجنوب تحديدا ، وعوده نفس الخطاب السياسي الى سابق عهده ، ،وبالذات منذ الإعلان عن نجاح مؤتمر الحوار ، وبعد ان استنفذت الحاجه الى التهدئة الشكلية التي اقتضتها الحاجه في مرحله الحوار. ومن هذه المظاهر على سبيل المثال وليس الحصر :
- - جرائم القتل ضد المدنيين التي ارتكبت في الضالع من قبل اللواء المرابط فيها و القصف العشوائي شبه اليومي للقرى الأمنه ، واعدامات للأسرى كما حصل لثلاثة من المواطنين قبل ايام .
>> - مهاجمه مخيم الشباب في المنصورة عدن و إزالته باستخدام المدرعات والاطقم العسكرية ونتج عن ذلك قتل وإصابات .
>> -في حرم جامعه عدن الصرح العلمي الكبير أقيم حفل تدشين لمخرجات الحوار من قبل قيادات عدن ولحج وأبين
>> ليتحول الى تدشين للقمع والاعتداء على فتاه اسمها انسام ، احدى الناشطات الجنوبيات لمجرد انها كانت تعتمر علم يرمز الى دوله الجنوب ،وهو نفس العلم الذي كانوا يتسابقون في قاعات الموفينبيك لحمله ويتعمدون رفعه ليقولون ان الجنوب حاضر، في اطار عمليه غش وتزييف سافره للحضور الحقيقي بعد ان اعلن الشعب في الجنوب رفضه عبر مليونياته لهذا الحوار الذي لم يلتزم لأبسط معايير وشروط الحوار المتعارف عليها .
>> - و في يوم الخميس ٢٠-٢-٢١٠٤ يتكرر المشهد الدامي في ساحه الحرية بخور مكسر ، بعد مرور عام على مجزرة ٢١ فبراير ٢٠١٣التي راح ضحيتها العشرات من ابناء الجنوب في نفس الساحة ،وها هي طقوس الزهو والتباهي وألعنجهية تظهر مجددا ، كعنوان لعوده القمع وإرهاب الدولة ضد شعب الجنوب وقوى الحراك السلمي ، بنشر الوحدات العسكرية والأمنية في مشهد غير مسبوق ، وفرض حاله الطوارئ وقطع الحركة بين المدن لمنع دخول المشاركين ، وفق خطه امنيه لمواجهه ( الخارجين عن القانون ) حسب عنوان الخطة ، لنعود مجددا الى نفس اللغة ونفس المفردات لنفس الخطاب لما قبل ثوره التغيير الموؤدة .
- حتى المصلين وهم في وضع السجود يؤدون صلاه المغرب في ساحه الحرية بخور مكسر لم يسلموا من الأذى ، حيث تم قذفهم بمسيلات الدموع التي أصابت الكثير منهم ؟ حتى الشعائر الدينية لا يقيموا لها وزنا .
- ليله الخميس استمر إطلاق الرصاص بأسلحة الدشكا ) حتى الثالثة صباحا من يوم الجمعة ٢١/٢/٢٠١٤.
- في صنعاء العاصمة التاريخية خرجت يوم الجمعة المظاهرات المنددة بالحكومة والمطالبة بإسقاطها كحكومة فساد !!!!! ، لم تتعرض هذه المسيرات للقمع طبعا .
- بعد يوم من الاحداث في عدن اعلن عن أقاله اللواء صادق حيد مدير امن عدن ليعين بدلا عنه مديرا اخر بقرار من رئيس الوزراء!!!!
- يوم السبت ٢٢/٢/٢٠١٤ تغلق صحيفه (عدن الغد ) في اطار التوجه لتقليص مساحه حق التعبير ، كما جرى مع صحيفه (الايام ) من قبل ، وهو التوجه الذي برزت أولى ملامحه حين تم أقاله طاقم تحرير صحيفه ١٤ أكتوبر واستبداله بطاقم جديد قادر على تنفيذ التوجه المرسوم )
- مساء الجمعة أصدرت اللجنة الأمنية بيانا يشيد بنجاح الخطة الأمنية لمحافظه عدن ، بكونها حققت أهدافها في هذا اليوم التاريخي الذي تتكرر فيه المجزرة للعام الثاني على التوالي ضد من اسموهم( الخارجين عن القانون ) !!!
>> نعم نجحت بتكرار المشهد الدامي وبقتل وأصابه واعتقال العشرات من ابناء الجنوب الذين تواجدوا بالآلاف ، ونجحت في تعميق الجراح ليستمر الأنين ومشاعر الانتقام ، نعم نجحت في تعميق مشاعر الرفض والمقاومة ، وتعميق وحده الجنوبيين كمصير لا مفر منه بعد الان بعد ان اتضح الزيف والخداع والكذب والمكر ،
>> -والاهم في نظر المراقبين ان هذه القوى نجحت في الإعلان ان الرئيس عبدربه هادي لم يعد رئيسا فعليا ، ولم يعد يملك اي سلطه بعد اليوم ، وان هذه القوى هي من يملك هذه السلطة بدليل أفعالهم ما ظهر منها وما بطن ٠