بقلم عبدالجبار باجبير
في خضمّ اللحظة المعقّدة، تقف حضرموت والمهرة اليوم على مفترق طرق حساس.
فهاتان المحافظتان ظلّتا — رغم العواصف السياسية والعسكرية — مساحةً للأمن والاستقرار، وملاذًا للناس من دوّامة الصراع التي التهمت مناطق كثيرة من الوطن.
ومن هنا، يبرز النداء الأهم:
لا تسمحوا بأن تتحول حضرموت والمهرة إلى ساحة مواجهة جديدة.
نوجّه حديثنا بكل وضوح وصدق إلى قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي:
إن الحكمة — لا السلاح — هي التي تحفظ الحقوق وتبني المستقبل، ومغادرة حضرموت والمهرة اليوم قبل الغد ليست تراجعًا، بل قرار شجاع يجنّب الجميع الدماء، ويحفظ النسيج الاجتماعي، ويمنع إشعال نارٍ إذا اشتعلت فلن يسلم منها أحد.
التاريخ يعلمنا أن الحروب تبدأ بشعارات كبيرة — لكنها تنتهي بجراح طويلة لا تلتئم.
ولهذا، فإن تغليب صوت العقل في هذه اللحظة مسؤولية وطنية وأخلاقية.
في المقابل، لا بد من الإشادة بالموقف المتوازن والمسؤول للأشقاء في المملكة العربية السعودية، الداعم لخفض التوتر وفتح أبواب الحوار بدل التصعيد.
كما نثمّن الجهود الحثيثة التي يبذلها فخامة الدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، للحفاظ على الاستقرار ومنع انزلاق البلاد إلى مواجهات لا ضرورة لها.
حضرموت والمهرة ليستا غنيمة سياسية، ولا مساحة للتجاذبات العسكرية.
هما أمانة في أعناق الجميع — وأي مساس بهدوئهما لن يكون سوى خسارة جديدة تُضاف إلى خسائر اليمن.
إن صوت العقل لا يزال ممكنًا… لكنه لا ينتظر طويلًا.
فلنترك السلاح جانبًا، ولنمنح فرصة للحوار، قبل أن نصحو — لا قدّر الله — على واقع يندم فيه الجميع حين لا ينفع الندم.