يعتبر التعليم مفتاح التقدم والتطور للبلدان، وهو الطريق الأمثل للخروج من نفق التخلف والجهل والفقر والمرض والتبعية السياسية والاقتصادية، كما يعد التعليم المرتكز الأساسي للأمن القومي، حيث لم يعد وسيلة للتطور والتقدم فحسب، بل أصبح أمنا قوميا وضرورة للبقاء، والنظام التعليمي يؤدي دورا رئيسيا ومهما في أحداث التنمية بمفهومها الشمولي، وضمان استمراريتها في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والتقنية، وقضية التعليم في اليمن تعتبر قضية مجتمع من الدرجة الأولى، وهي حيوية وأساس يبنى عليه الإنسان من حيث تعليمه وتأهيله وتدريبه، ولا بناء بلا أساس، تتعالى الأصوات من قبل الآباء والأسر والمسؤولين في مجتمعنا اليمني ،من تدني مستوى التعليم وضعف في مدخلاته ومخرجاته، وهذا الموضوع يحتاج إلى دراسة وإلى تضافر الجهود، وأيضا إلى حلول حتى تستقيم الأمور في الواقع اليمني، ولا يخفى على أحد الأهمية القصوى للتربية والتعليم في بناء الفرد والأسرة والمجتمع، فإذا صلح حال التربية والتعليم، صلح لنا حال الفرد والأسرة والمجتمع بل والحكومة والدولة بأكملها، واذا فسدت التربية والتعليم انعكس الفساد على الفرد والأسرة والمجتمع والحكومة، والهدف الأساسي من العملية التربوية والتعليمية هو إعداد الإنسان الصالح المنتج والمتزن في عناصر بنائه الروحية والعقلية والبدنية.
وسنتطرق في هذه الدراسة إلى عدد من المباحث التي تتناول مفهوم التعليم، أنواع التعليم، أهمية التعليم، نظام التعليم، واقع التعليم في اليمن، وبعض قضايا التعليم الرئيسية التي برزت للباحث، الحلول لتدهور أوضاع التعليم، الخلاصة وهي كالتالي:
أولا: مفهوم التعليم
-تعريف التعليم لغة:
هو مصدر الفعل علم بتشديد اللام(1)
ويعرف التعليم لغويا : أعلم بعلم إعلاما فهو معلم والمفعول معلم
أعلمه الأمر، أعلمه بالأمر اخبره به وعرفه إياه وأطلعه عليه
أعلمه بما حدث ، وأعلمه بنتيجة الامتحانات
" سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا " البقرة (32) قرآن
نستنتج من تعريفات لغوية أن التعليم في اللغة يعني وضع علامة أو أمارة، ويعني الفهم ويعني التدريب، ويعني الإخبار بالشيء والاطلاع عليه(2)
-تعريف التعليم اصطلاحا :
هو العملية المنظمة التي تمارس من قبل المعلم، بهدف نقل المعارف المهاراتية للطلبة لتنمية اتجاهاتهم نحوها، ويعد التعلم هو الناتج الحقيقي لعملية التعليم(3)
ويعرف التعليم أيضا بأنه : توفير الشروط المادية والنفسية التي تساعد المتعلم على التفاعل النشط مع عناصر البيئة التعليمية في الموقف التعليمي، واكتساب الخبرة والمعارف والمهارات والاتجاهات والقيم التي يحتاجها المتعلم وتناسبه(4)
ويرى الأستاذ حمزة السلطاني أن التعليم عملية مقصودة أو غير مقصودة، مخططة أو غير مخططة تتم داخل المدرسة أو خارجها في وقت محدد أو أي وقت، ويقوم بها المعلم أو غيره بقصد مساعدة الفرد على التعلم(5)
وللتعليم تعريف آخر : هو العملية المنظمة التي يمارسها المعلم بهدف نقل مافي ذهنه من معلومات ومعارف إلى المتعلمين ( الطلبة) الذين هم بحاجة إلى تلك المعارف والمعلومات(6)
ويرى أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة (2017) : أن التعليم هو السبيل إلى التنمية الذاتية، وهو طريق المستقبل للمجتمعات والمحرك الرئيسي للتنمية المستدامة(7)
من خلال التعريفات السابقة نرى أن عملية التعليم هي : تلك العملية التي يوجد فيها متعلم في موقف تعليمي لديه الاستعداد العقلي والنفسي لاكتساب خبرات ومهارات ومعارف واتجاهات وقيم تناسب قدراته واستعداداته ،من خلال وجوده في بيئة تعليمية تتضمن محتوى تعليمي ومعلم ووسائل تعليمية، ليحقق الهدف التربوي المنشود.
ثانيا: أنواع التعليم
يقسم التعليم إلى نوعين هما :
1- التعليم العام
2- التعليم الفني والمهني
يعرف التعليم العام بأنه : التعليم الذي يهتم بإعداد مواطنين لهم القدرة على المعرفة والإستنارة وتحمل المسؤولية، كما يعمل على نقل الثقافة المشتركة من جيل إلى جيل متعلم في المراحل الأساسية أو الثانوية حيث يتم دراسة مواد مثل : جغرافيا، تأريخ، رياضيات، فيزياء، أحياء.... الخ
ويعرف التعليم المهني بأنه : التعليم الذي يهتم بإعداد طلاب مؤهلين للعمل بالمهن، كالتجارة، والمعادن، والإلكترونيات والزراعة والصناعة... الخ(8)
ثالثا: أهمية التعليم في حياة الفرد والمجتمع
لأهمية التعليم فقد أعتبر حقا لجميع الأفراد، حيث تم إقرار حق الأفراد في التعليم منذ عام 1952م في المادة رقم 2 من البروتوكول الأول الذي صدر عن الإتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان، وبموجبها تم إلزام جميع الأطراف التي وافقت ووقعت الإتفاقية بضمان حق التعليم للأفراد جميعهم على المستوى العالمي، كما تم ضمان حق التعليم في ميثاق الأمم المتحدة الدولي، والمتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتحديدا في المادة رقم(13) من الميثاق(9)
يعد التعليم الأساس الذي تقوم عليه حياة الأشخاص، وله أهمية كبيرة في الحياة، ويمكن إجمال أهمية التعليم بالآتي :
- امتلاك المهارات اللازمة للفرد في حياته العملية والتي من شأنها تزيد من ثقته بنفسه.
- القدرة على التفكير الناقد.
- امتلاك المعرفة التي تحقق الفائدة للفرد في مختلف مجالات حياته واتساع آفاقها.
- تقييم الأمور والمواقف المختلفة والتصرف بعقلانية إزائها.
- القدرة على التمييز بين الصواب والخطأ.
- كسب احترام الآخرين، وزيادة ثقة الفرد بنفسه.
- معرفة الإنسان لحقوقه، بالإضافة إلى القوانين والأنظمة.
- امتلاك المؤهلات التي تمنح الفرد فرص العمل، والتي تجعله يعتمد على نفسه من الناحية المادية.
- العمل على زيادة الوعي في المجتمع، وإبعاد أفراده عن السلوكيات المنحرفة وتعديل سلوك الأفراد.
- المساعدة على تحقيق المساواة والعدالة التوزيعية فيما يتعلق بتوفير فرص عمل الأفراد.
- تنمية الدول والتقليل من مستوى الفقر.
- تمكين الأفراد من القدرة على أداء المهام بشكل فعال، فالشخص المتعلم يقوم بالمهام بشكل أفضل من غير المتعلم، وهذا ما يفسر سبب الأقبال على توظيف المتعلمين والحاملين للشهادات العليا.
- التعليم يساعد على الاندماج الاجتماعي هو من أهم أساسيات علاج مشكلة الفقر، وتحقيق التقدم المستدام في أي مكان.
- تسهيل حصول الأفراد على وظائف جيدة وبالتالي حياة أفضل(10)
- رابعا: نظام التعليم في اليمن واستراتيجيته:
-
تضمن أحد أهداف ثورة 26 سبتمبر التي قامت عام 1962م ( العمل على رفع مستوى الشعب اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وثقافيا ) كما نص الدستور الدائم الصادر عام 1970م ( في أن التعليم حق لليمنيين جميعا تكفله الدولة بإنشاء المؤسسات الثقافية والتربوية والتوسع فيه بحسب الإمكانات ) كما صدر قانون وزارة التربية والتعليم رقم 26 لعام 1972م الذي حدد أهداف المراحل التعليمية ومهام وزارة التربية بعد استقلال عدن ، إلى جانب ذلك صدر قانون التعليم العام رقم ٢٢ لعام ١٩٧٤م والسياسة التعليمية التي صدرت عام ١٩٧٦م وفيه حددت الأهداف التربوية والتعليمية في الشطر الشمالي سابقا، وعلى الرغم من التطور في التشريعات والقوانين التربوية منذ قيام الثورة اليمنية عام ١٩٦٢م واستقلال عدن عام ١٩٦٧م حتى تحقيق الوحدة اليمنية كان ليس في المستوى المطلوب ولم تعمل الوزارتان في الشمال والجنوب من عمل استحداثات تعليمية، على الرغم من وجودها في الدول العربية المجاورة ،بالإضافة إلى ذلك لم تستطع وزارتا التربية من مواجهة المشكلات القائمة آنذاك واستمر الوضع كماهو عليه حتى تكللت جهود لجان توحيد التعليم اليمني قبل توقيع الوحدة بجملة من الاتفاقات والتصورات لإعادة توحيد التعليم، أسفرت بعد قيام الوحدة في 22 مايو 1990م عن تشكيل جديد لهيكل التعليم، وتوحيد المناهج التي أسندت لمركز البحوث والتطوير التربوي، لتلمس أفضل الطرق لتوحيد المناهج وتطويرها... الخ.
وبصدور قانون التعليم عام 1991م، بعد موافقة مجلس النواب عليه، وضعت الأسس والقواعد العامة لتوحيد بنية التعليم اليمني، شكلا ومحتوى في نظام تعليمي واحد، قائم على أساس ضم مرحلتي التعليم الابتدائي والإعدادي في مرحلة واحدة سميت،، مرحلة التعليم الأساسي،، كشكل تنظيمي جديد تتكامل فيه الجوانب النظرية والتطبيقية، ثم مرحلة التعليم الثانوي المعتمد على وحدة المعرفة، وتكامل العلوم، وفي إطار التخصص أي بتشعباته ومساراته المواكبة لمطالب المجتمع واحتياجات التنمية( 11)
خامسا: واقع التعليم في اليمن
يعيش في اليمن حوالي 70% من سكانه في الريف، وتشكل الأمية القرائية فيه حوالي 48% ومع ذلك فالأمل في تحقيق النهضة التعليمية معلق بالكادر التعليمي، وتشير الأرقام إلى أن واقع التعليم في اليمن متدني، ف45% من المعلمين ليس لديهم أي مؤهل جامعي، و18% حاصلون على ثانوي، ومن خلال هذه الأرقام يظهر أن الكادر التعليمي بحاجة إلى إعادة تأهيل والا فإن أي جهود تعمل على تحسين مستوى العملية التعليمية ستذهب هدرا(12).
مشكلات التعليم الأساسية لمرحلة التعليم الأساسي في اليمن أهمها:
- مدرس المرحلة الابتدائية في كثير من مدارس الجمهورية غير مؤهل تربويا وتعليميا
- ضعف الحالة المادية للمعلم
- تهميش المعلم وقلة الاهتمام به
- ضعف الامكانيات في المدرسة كانعدام المعامل والأجهزة ...إلخ.
- كثافة التلاميذ داخل الفصل الواحد
- قلة المباني المدرسية الصالحة للتدريس وخاصة في الريف
- ضعف الرعاية الصحية للتلاميذ
- كثرة الغياب والرسوب بين صفوف التلاميذ
- نقص السجلات المدرسية وعدم تنظيمها
- انتشار المدارس ذات المدرس الواحد الذي يغطي جميع الصفوف وخاصة في بعض المناطق الريفية البعيدة الوعرة التي يرفض المعلمون الذهاب إليها
- ضعف تأهيل الكادر القيادي والإداري للمدرسة .
- ندرة أو عدم وجود المكتبات المدرسية .
- نظام الامتحانات والتقويم القائم على ترفيع التلاميذ وتنجيحهم
- انتشار ظاهرة الغش
- تدني المستوى التعليمي للتلاميذ
- انتشار العصابات المدرسية والتحرشات
- تسرب الطلاب والطالبات من المدرسة
- موقع المدرسة بعيد عن التجمعات السكنية
- قلة الاهتمام من قبل أولياء الأمور بأبنائهم
- تأخر الكتب المدرسية أو انعدامها(13)
من جانب أخر ترى إحدى الدراسات أن التعليم في اليمن لم تطرأ عليه إصلاحات تذكر، فالخطط الدراسية والمقررات لا تتفاعل مع المتغيرات التي حدثت وتحدث في اليمن ولا تستجيب لدخول اليمن مرحلتها الجديدة، كما أن مناهج التعليم الثانوي لا تراعي حاجات الزمن والمكان، ولم تواكب التحديات الحالية والمستقبلية.
وعن الإدارة المدرسية يتم تعيين مدراء المدارس بطريقة تخضع للولاءات الحزبية والقبلية والمناطقية دون النظر للكفاءات والمؤهلات العلمية، وسوء العلاقات بين مدراء المدارس ومعلميها من جانب، وبين مدراء المدارس وإداري مكاتب التربية من جانب أخر، وضعف الرقابة وعدم قدرتها على فرض أي عقوبة على مرتكب الأخطاء والمقصرين، بالإضافة إلى قصور الأداء الإداري لمديري المدارس وعدم معرفتهم بمهامهم الإدارية والفنية، وغير ذلك من عجز وقصور،
وتؤكد الدراسة أن المعلم سبب رئيسي لتدني التحصيل العلمي لدى الطلاب، حيث ان هناك أكثر من عشرين ألف معلم غير مؤهلين تربويا وتعليميا، وهناك 60% من المدرسين خريجي ثانوية عامة فقط، وتدني المستوى التعليمي في بعض المدارس يعود إلى عجزها عن تحقيق الأهداف التربوية وجذب الطلاب إليها(14)
وتشير دراسة أخرى إلى عدد من المعوقات التي تقف أمام تقدم التعليم في اليمن، في عدد من المجالات ابتداء من الأهداف والمناهج الدراسية والمعلم والإدارة، مرورا بالتوجيه والإشراف والمبنى المدرسي، والتقنيات التربوية والأنشطة المدرسية وأولياء الأمور. وتقول إنه لمن المؤسف أن نجد دولا لا تملك ثروة نفطية ولا ذهبا ولا فضة وإنما تعليما حقيقيا أصبحت اليوم تنافس العالم في التكنولوجيا مثل ماليزيا وتايوان في حين مازلنا نراوح مكاننا(15) .
أسباب ضعف التعليم في اليمن:
يوجد أسباب لضعف العملية التعليمية في اليمن أهمها:
- اعتماد المعلمين على أسلوب التلقين الممل وعدم تنمية المهارات بطرق عملية تطبيقية
- التكليفات والواجبات المدرسية إجبارية ولا تعتمد على التفكير الإبداعي والممارسة
- الرجوع دائما إلى الكتاب وعدم إعطاء الفرصة للطلاب للإبداع وتطوير الذات
- سوء تعاطي المدرسة وهيئتها التدريسية مع الطلاب، ما يسبب ذهابهم للمدرسة بالإجبار ومن دون رغبة وميول .
- ضعف المباني والتجهيزات المادية لخلق أجواء تعليمية مناسبة.
- عدم تطوير المناهج لتواكب المتغيرات العلمية الجديدة والانفتاح المستمر على عصر تكنولوجيا المعلومات.
- عدم إحياء روح النقاش وإبداء الآراء والتقويم عند التلاميذ .
-كثرة الملهيات الشاغلة عن الدراسة والمذاكرة عند الطلاب كالتلفزيون وألعاب إلكترونية .وأنترنت... الخ
- عدم استخدام المعلمين للأساليب التقنية العصرية والحديثة في عملية التدريس(16)
-
تعليم الفتيات
يعد معدل التحاق الفتيات بالتعليم في اليمن هو أدنى المعدلات في بلدان الشرق الأوسط، ويوجد تفاوت هائل بين البنين والبنات، وبين المناطق الحضرية والريفية، ويعزى ضعف نسبة مشاركة الفتيات في التعليم إلى عدة عوامل اجتماعية ثقافية، فعادة الزواج المبكر للفتيات في المناطق الريفية تعوق تعليم الفتيات، وتؤدي إلى ارتفاع معدلات التسرب وترك الدراسة، وإحجام الاباء عن إرسال فتياتهم إلى المدارس المختلطة، ومما يساهم في انخفاض معدلات التحاق الفتيات بالتعليم أيضا الاتجاهات الاجتماعية السلبية السائدة نحو تعليم الفتيات، والإفتقار إلى مدرسات.
بالإضافة إلى قلة عدد المدارس ، فرص العمل والتوظيف، التكدس وسوء نوعية التعليم، وزيادة على ذلك فإن الاتجاهات المجتمعية نحو تعليم الفتيات وخاصة الدراسات الجامعية لعبت دورا كبير في تحجيم تعليم الفتيات، وبعد المسافة عن المدارس في المناطق الريفية، ونقص الكتب، وضعف الامكانيات المالية للآباء، وكلها عوامل تحد من فرص الفتيات في التعليم.
-الحرب وأثره على التعليم
تشير كثير من التقارير الدولية التابعة لمنظمات الأمم المتحدة للطفولة إلى استخدام الأطفال في الصراعات المسلحة من قبل الجماعات المتصارعة، واذا كان عزوف الطلاب عن فصول المدرسة للإلتحاق بسوق العمل أو البطالة فإن الأعوام الماضية كشفت عن التحاق المئات من الطلاب في أتون الصراع المسلح، اذ رصدت المؤسسات الحقوقية المعنية بالدفاع عن الطفولة زيادة اعداد المتسربين من المدارس ،والذين التحقوا في صفوف الجماعات المسلحة
وذكر تقرير صادر عن منظمة اليونيسف حول التعليم في اليمن أن نحو 500 الف طفل يمني انقطعوا عن الدراسة منذ تصعيد الصراع في مارس آذار 2015م ، ليصل عدد الأطفال غير الملتحقين بالمدارس إلى مليوني طفل ، وأن حوالي ثلاثة أرباع معلمي المدارس الحكومية لم يتلقوا رواتبهم منذ أكثر من عام بما يهدد بشكل خطير تعليم 4،5 مليون طفل يمني ،ممثلة اليونيسف في اليمن ميريتشل ريلانيو قالت ان جيلا كاملا من الأطفال في اليمن يواجهون مستقبلا مظلما بسبب محدودية خدمات التعليم أو عدم توفرها، وأضافت أن حتى الملتحقين بالمدارس لايحصلون على التعليم الجيد الذي يحتاجونه ،ووفق التقرير فإن أكثر من من 2500 مدرسة لاتعمل في اليمن ،اذ تم تدمير ثلثاها بسبب العنف ،فيما أغلقت 27% وتستخدم 7% في أغراض عسكرية أو أماكن إيواء للنازحين
ويضيف تقرير حديث صادر عن منظمة اليونيسف لعام 2023م ،أن اليمن يواجه أزمة حادة في التعليم، حيث من الممكن أن يصل عدد الأطفال الذين يعانون من الاضطرابات التي تلحق تعليمهم إلى 6 ملايين طالب وطالبة، وهو ما سيكون له تبعات هائلة عليهم على المدى البعيد.
منذ بداية النزاع في مارس 2015، خلّفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمين والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرةً على النظام التعليمي في البلاد وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.
تضرر المدارس وإغلاقها يُهددان فُرص الأطفال في الحصول على التعليم مما يجعلهم عرضة لمخاوف كبيرة تتعلق بحمايتهم.
كان للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً تأثيراً بالغًا على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية لكافة الأطفال في سن الدراسة البالغ عددهم 10,6 مليون طالب وطالبة في اليمن. دُمّرت 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل 4 مدارس) أو تضررت جزئيًا أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة 7 سنوات من النزاع الذي شهدته البلاد. كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين - ما يقرب من 172,0000 معلم ومعلمة - على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016 أو أنهم انقطعوا عن التدريس بحثًا عن أنشطة أخرى مدرة للدخل. واضطرت المدارس إلى إغلاق أبوابها أمام الطلاب بسبب تفشي جائحة فيروس كورونا (كوفيد - 19) خلال معظم أيام الدراسة للأعوام الدراسية ما بين 2019-2021، مما أدى إلى تعطيل العملية التعليمية لحوالي 5,8 مليون طالب، بمن فيهم 2,5 مليون فتاة.
يُشار إلى أن نحو مليوني طفل كانوا خارج العملية التعليمية قبل انتشار جائحة فيروس كورونا. ومن بين العوامل الأخرى التي تساهم في زيادة مواطن الضعف لدى الأطفال النزوح المتكرر وبُعد المدارس والمسائل التي تتعلق بالسلامة والأمن، بما في ذلك مخاطر المتفجرات، ونقص المعلمات (حيث يبلغ عدد المعلمين الذكور 80 في المائة) وعدم إمكانية الوصول إلى مرافق المياه والصرف الصحي التي تراعي الفوارق بين الجنسين. ومن مخاطر تسرب الفتيات من المدارس تعرضّهن للزواج المبكر والعنف الأسري، في حين يصبح الفتيان المنقطعين عن الدراسة أكثر عرضة للتجنيد في صفوف الجماعات المسلحة.
مع استمرار الوضع الإنساني بالتدهور، لايزال حوالي مليوني طفل يعيشون خارج المدرسة(17)
سادسا: بعض قضايا التعليم العام في اليمن
بناءً على ما سبق طرحه حول نظام وواقع التعليم في اليمن برزت للباحث العديد من القضايا الخاصة بالتعليم العام أهمها:
1- قضية التلميذ :
التلميذ هو المحور الأساسي الذي تدور حوله العملية التعليمية، فالمدرسة بمجموعها من بناء ومعلمين ومناهج وأدوات ومقاعد وكتب ووسائل أنشئت وجهزت من أجله، ولأجله قد يكون التلميذ نفسه سببا في تدني التعليم أو تأخره في الدراسة لأسباب منها :
صحة التلميذ العقلية : قد يتأخر التلميذ في دراسته لضعف في قدراته العقلية، وهذا الضعف قد يأتي من عامل الوراثة أو مرض يعاني منه التلميذ يلازمه في حياته، أو من حادث تعرض له في طفولته يكون سببا في تأخر تحصيله العلمي.
صحة التلميذ الجسمية : قد يصاب التلميذ في أثناء دراسته في العام الدراسي بمرض جسماني خطير أو بسيط يطول أو يقصر فيكون سببا مباشرا في ضعف تحصيله العلمي، مثل ضعف البصر لا يرى التلميذ السبورة وما يكتب فيها من معلومات أو ضعف السمع لا يسمع المعلم بشكل جيد أثناء شرح الدرس، أو يسرح التلميذ المدرسة وهو يعاني الجوع بسبب الفقر الذي تعاني منه أسرته ما يؤثر بشكل مباشر على استيعاب وفهم التلميذ للدروس التي يتلقاها أثناء الحصص الدراسية.
اضطراب التلميذ النفسي والوجداني داخل الأسرة والمدرسة :كالخلافات التي تحصل داخل الأسرة بين الأب والأم وعدم وجود الاستقرار في المنزل، وهذا ينعكس سلبا على نفسية التلميذ ووجدانه وتحصيله للعلم، وربما يتحول إلى مشاغب داخل المدرسة يتصرف بشكل غير سليم مع زملائه أو أساتذته وهذا بداية انحراف خطير نتيجة عدم الاستقرار النفسي لديه بسبب عدم وجوده الاستقرار في أسرته، ومثل هذا التلميذ يجب معاملته في المدرسة بشكل لين وحلو وتعامل سليم وراقي من قبل أساتذته وزملائه، كي يتعوض النقص الذي يفتقده في أسرته(18)
التسرب المدرسي: يقصد بالتسرب الدراسي أن يترك التلميذ المدرسة قبل إتمامه المرحلة التعليمية، وينجم عن هذا عدم انتفاع المتعلم بالمعارف والخبرات والمهارات التي تؤثر في نضجه العقلي والوجداني والاجتماعي، وتسبب مشكلة التسرب ضياعا وخسارة للمتعلمين أنفسهم، لأن هذه المشكلة تترك آثارا سلبية في نفس المتعلم ،وتعطل مشاركته المنتجة في المجتمع.
ويوجد أسباب للتسرب الدراسي للتلاميذ تتمثل بما يلي :
1- أسباب تعود إلى المدرسة
2- أسباب تعود إلى الأسرة
3- أسباب تعود للمتعلم نفسه
للمدرسة دور كبير في إشاعة الفشل والتسرب منها، نتيجة الظروف السيئة التي توفرها للتلاميذ، ويظهر تأثير المدرسة من خلال :
- التهرب من المدرسة بسبب عدم الرغبة والميل في الحضور إلى المدرسة، فالجو المدرسي الذي لا يوفر العطف والاحترام وزراعة الثقة في نفس التلميذ يكون منفر.
- الاستخدام المفرط للعقاب المعنوي والبدني من قبل المعلمين
- العلاقات ما بين التلاميذ، اذا كانت العلاقات يسودها التشاحن والبغض والكراهية، فهذا يؤدي إلى كراهية الطالب للمدرسة وعزوفه عن التعليم.
- المادة الدراسية وطريقة تدريسها.
- تغيب المعلمون بسبب عدم الرضى المهني والاقتصادي.
- ازدحام التلاميذ بشكل غير مقبول داخل الفصول الدراسية، تجعلهم يشعرون بالتضايق وقلة الاستيعاب، والتفكير بالانقطاع عن المدرسة.
- عدم وجود المرشدين والتربويين.
الأسباب التي تعود على الأسرة تتمثل بما يلي :
- عدم اهتمام الأسرة بالتعليم.
- المشاكل الأسرية
- سوء الوضع الاقتصادي للأسرة
- المساعدة في أعمال المنزل.
- عدم وجود شخص داخل الأسرة يساعد المتعلم على مواصلة الدراسة.
- تغيير مكان الإقامة.
الأسباب التي تعود للمتعلم نفسه تتمثل بما يلي :
- تدني التحصيل الدراسي وصعوبات التعلم.
- عدم الاهتمام بالدراسة وانخفاض قيمة التعليم.
- الغياب الكثير والمتكرر للتلاميذ عن المدرسة.
- ضعف الحالة الصحية.
- الرسوب المتكرر للتلاميذ يدفعهم للهروب من المدرسة وترك الدراسة(19).
الإمتحانات وانتشار ظاهرة الغش :
تعد عملية الامتحانات جزءا أساسيا في العملية التعليمية، فهي قوة مؤثرة تبين مدى فعالية التدريس والمناهج والكتب المدرسية، وتكشف عن مدى ايجابية التلاميذ والطلاب أو تفاعلهم مع عناصر العملية التعليمية أو ضعفهم فيها، ولهذا فإن نتيجة الامتحان تصلح لأن تكون نقطة انطلاق لعمل كثير من الاصلاحات التربوية، وفي مختلف جوانب العملية التعليمية، ويعكس نظام الامتحان ما يشوب العملية التعليمية من نقص كبير في جوانبها المختلفة، فالتعليم الذي يهدف إلى التلقين وإذكاء قدرة التلميذ على الحفظ لا يفرز إلا امتحانا يقيس قدرته على الحفظ ولايقيس قدرته على الفهم والتفكير، والامتحانات التي تجريها وزارة التربية تكشف عن كثيرة في المعلم وفي طريقة التدريس والمناهج والإدارة المدرسية، كما أن انتشار ظاهرة الغش بشكل كبير في الامتحانات وخاصة في الآونة الأخيرة يعد أساس فساد العملية التعليمية في بلادنا ورأس المصائب، لأنها تسبب في تدهور التعليم وضعف الفهم والاستيعاب وبذل مزيد من الجهد من قبل الطلاب، فالطالب المجتهد بلا شك يقلل من اجتهاده والطالب المهمل سيتوفر له جو مريح مليء بالبراشم والتلقين لأجوبة أسئلة الامتحان، حيث يحصل على معلومات جاهزة يضعها في خانة الاجابات دون تعب أو بذل جهد في مذاكرة وتحصيل علمي، فهناك طلاب تخرج من الثانوية العامة وحصل على نسبة عالية تتجاوز ال 90% وفي حقيقته غير قادر على ترتيب جملة مفيدة في اللغة أو كتابة الكلمات إملائيا بشكل صحيح أو الاتيان بقطعة نثرية يعبر فيها عن ظاهرة ما. بلا شك وفي مثل هذه الظروف سيبنى وطن مغشوش من الأساس لأن عقول أبنائه من الأساس مغشوشة (20)
2- قضية المعلم :
المعلم هو حجر الزاوية في العملية التعليمية، والحقيقة أن التدني في مستوى التعليم في المرحلة الأساسية يقع في المقام الأول على معلم الفصل أو معلم المادة، فظروف المعلم وأوضاعه سواء كانت اقتصادية، أو اجتماعية، تؤثر تأثير مباشر في إنتاجه ومستوى أدائه في التدريس والإلقاء وتفهيم طلابه، وحرصه على إيصال المعلومات لديهم بسلاسة وسهولة ويسر بعيدا عن كل أساليب التعقيد التي يتبعها كثير من المعلمين غير المؤهلين علميا، وتربويا، وثقافيا، ومن المعلوم أن التعليم الأساسي في اليمن لازال يشكو من ضعف إعداد معلميه، ومن ظروف معيشته، وأصبح المرتب لايفي بحاجة المعلم ومتطلباته المعيشية، بسبب غلاء المعيشة هذا اذا كان المعلم يستلم راتبه من الدولة، فكيف اذا أصبح المعلم بدون راتب مثل ما يعاني المعلمون اليوم من قطع رواتبهم لسنوات عديدة بسبب ظروف الحرب والصراع، ما يجعل كثير من المعلمين يتجهون إلى العمل في المدارس الخاصة بحثا عن راتب يوفر لهم لقمة العيش، ولأسرهم التي تكون بانتظار الراتب لتغطية بعض متطلباتها وحاجاتها المنزلية، بلا شك ألقت هذه الأوضاع السياسية والاقتصادية التي تمر بها البلاد عامة والمعلم خاصة بعبئها وسلبيتها على سير العملية التعليمية، وضعف أداء المعلم التربوي والتعليمي داخل المدرسة، وحرمان عشرات الألوف من التلاميذ من التعليم السليم الراقي المواكب لمتغيرات العصر ومتطلباته التكنولوجية والتقنية المفترض أن يحصلوا على مثل هذا التعليم، كي يتخرجوا وهم على درجة رفيعة من الوعي التعليمي يمكنهم من الانخراط في سوق العمل وتقديم النفع للوطن(21)
3- قضية المنهج الدراسي وطرق تدريسه :
يقصد به مجموعة الخبرات التربوية والثقافية والاجتماعية والفنية والرياضية، ممثلة في المعلومات والمواد الدراسية النظرية، والمهارات التعليمية، والتطبيقات العملية، وكذلك القيم والاتجاهات، وطرائق التفكير، وأساليب التصرف في المواقف التعليمية، وأوجه النشاط التي توفرها المدرسة لأبنائها داخل جدرانها وخارجها، بهدف مساعدتهم على النمو الشامل في جميع النواحي وتعديل سلوكهم وفقا للأهداف التربوية، لتجعل منهم أفرادا نافعين لأنفسهم ومجتمعهم.
وبناء على ذلك يمكننا وصف ما يحدث داخل المدرسة اليمنية من ضعف في المناهج من ناحية وضعف التعامل معها من ناحية أخرى من قبل مدرسين المنهج الدراسي، ما يؤثر بشكل كبير في تدني التحصيل العلمي للتلاميذ في كل المراحل التعليمية، وقد يعود سبب القصور والضعف إلى الإمكانات المادية والبشرية، وبعضها للتغير المتسارع سياسيا، واقتصاديا، واجتماعيا، وعلميا، ومعلوماتيا وتكنولوجيا، ولعل أبرز سلبيات المناهج الحالية الآتي :
- نقص في المهارات الأساسية التقليدية عند كثير من الطلاب في كل المراحل الدراسية.
-المناهج الدراسية لا تتناسب مع تطورات العصر الرقمي وتكنولوجيا المعلومات.
- ضعف التوافق مع تحديات العصر، والاحتياجات الفعلية لحياة العمل من معارف متطورة وآليات وتقنيات مستحدثة.
- ضعف التكامل والتوازن والملائمة داخل المناهج.
- طغيان الثقافة اللفظية والصبورية على الممارسات التدريبية داخل الفصل وحتى داخل المعامل والمختبرات ( إن وجدت)
- تفشي ظاهرة الدروس الخصوصية وتناميها على حساب جدية ومصداقية العملية التعليمية داخل المدرسة.
- زيادة النجاح السهل في ضوء قولبة الامتحانات وأساليب التقويم، ونتيجة الافتقار إلى ضوابط ومعايير مرجعية تحدد مستويات النجاح والانتقال من مرحلة لأخرى.
ويرتبط أيضا بالمناهج طريقة التدريس المتبعة في مرحلتي التعليم الأساسي والثانوي، ومدى ملائمتها لقابلية الطلاب ومراعاتها للظروف الفردية بينهم، إذ أن طرائق التدريس العقيمة التي تعتمد على الحفظ والتلقين تكون عبئا على بعض الطلاب وتجعلهم يكرهون الدراسة ويهجرون المدرسة.
ومن ناحية أخرى نجد طرائق التدريس التي تعتمد على التفكير والعمل والحركة والحيوية والنشاط داخل المدرسة وخارجها، والاتصال بالبيئة والتعرف على امكاناتها وكيفية استغلالها، تلك الامكانات قد تشمل جذب التلاميذ إلى المدرسة بحيث يصعب عليهم تركها، ومن المعلمين من لا يحمل مؤهلا عاليا، وليس لديه أسلوب في كيفية توصيل فكرته عن المادة العلمية والتعامل مع الطلاب، فالمعلم الذي لا يفيد الطلاب ولا يجعلهم يلتفون حوله نتيجة فهمهم منه ووصول الفكرة إلى عقولهم بطريقة سلسة وذكية ومرنة، مثل هذا المعلم دون شك يتسبب بشكل كبير في تدني التعليم وضعف التحصيل العلمي لدى الطلاب نظراً لعدم تأهيله وتدريبه على اتباع طرق تدريس حديثة تواكب ظروف ومتطلبات العصر. (22).
4- قضية الإدارة المدرسية :
مدير المدرسة هو الركن الأساسي الذي يقوم عليه كيان المدرسة، والدينامو المحرك لطاقاتها وامكانياتها البشرية والمادية، والموجه المنسق لهذه الطاقات والامكانيات، لتحقيق الغايات التربوية التي تسعى المدرسة إلى تحقيقها.
ومدير المدرسة له تأثيره الكبير في مدرسته على كافة العاملين، يدفعهم للمشاركة الفاعلة وتحمل المسؤولية في تحقيق الأهداف التربوية، هذا ما يخص المدير الناجح الكفؤ الفاهم عمله وواجباته، وفي المقابل تلعب الإدارة المدرسية دورا هاما في تدني التعليم مرحلة التعليم العام اذا كان مدير المدرسة غير مؤهل علميا وتربويا، ويفتقد للخبرة الكافية في مجال الإدارة المدرسية، التي تمكنه من ربط المدرسة بالبيئة واخراج الطلاب من الروتين اليومي المتمثل بالسبورة والطبشور وجدران الفصول الدراسية إلى آفاق الحياة العملية وما يدور فيها من صناعة وتجارة وزراعة وصحة ومعاملات مالية وشرائية ومحاسبية وشتى أنواع الاعمال والمهن، حتى لا يشعر الطالب بان ما يدرسه في مدرسته مخالف لكل ما يراه ويشاهده على الواقع العملي والمعيشي، ومن مهام مدير المدرسة أيضا ربط المدرسة بأولياء أمور الطلاب ليكونوا على اطلاع بمستوى أبنائهم وتحصيلهم العلمي وليساهموا في حل مشاكل الطلاب جنبا إلى جنب مع مدير المدرسة وطاقمها من المعلمين والمربيين والوكلاء .
وهناك مشاكل وصعوبات تعترض سبيل تطوير الإدارة المدرسية في اليمن أهمها:
أ- قصور البنية التحتية لمزاولة مهام الإدارة (غوف الإدارة قليلة وغير معدة بشكل يناسب عمل الإدارة المدرسية.
ب- قصور التوجيه الفني والإداري للإدارة المدرسية حيث ان التوجيه التربوي لايتعرض للإدارة المدرسية أو تقييم أعمالها.
ج- قصور برامج التدريب أثناء الخدمة.
د- قصور آلية اختيار مدراء المدارس وتعيينهم ،وانعدام تطبيق اللائحة خصوصا في هذا المجال.
و- تعدد مصدر القرار التربوي سواء عند الترشيح لاعمال الإدارة المدرسية،أو عند الممارسة والتنفيذ وتعود أسبابه إلى تدخل الجهات المنفذة ( سياسيا وقبليا وحزبيا) مما يؤدي إلى الولاء لتلك الجهات المنفذة،
ر- هضم حقوق منتسبي الإدارة المدرسية من قانون المعلم ، الأمر الذي خلق التذمر بينهم والشعور بالدونية على من يناظرهم بل على من علموهم وتربوا على أيديهم .
و- ضعف وعي المجتمع باهمية المشاركة الفعالة في الإدارة المدرسية ، احدى التقارير وضحت أن الإدارة المدرسية تعاني اهمالا أمتد لعدة سنوات وترك وراءه فجوات كثيرة واختلالات أثرت سلبا في تدني التعليم والعملية التعليمية بأكملها ، وتسبب الاتجاه الذي ساد سابقا في سد النقص من المدرسين إلى تعيين مدراء مدارس لم يتعلموا الإدارة المدرسية ولم يتلقوا أي تأهيل تربوي يتناسب والمهام المنوطة بهم.
5- قضية البنية التحتية للتعليم :
التعليم الأساسي والثانوي بأهدافه وبرامجه وخططه وأنشطته وتجهيزاته يحتاج إلى مبان حكومية خاصة ذات فصول واسعة ومقاعد مريحة وتجهيزات تتعلق بوسائل التعليم كالسبورة وبعض المعامل والمختبرات اللازمة للتطبيق العملي أو وسائل أخرى تريح الطلاب وتحافظ على صحتهم كالمكيفات ووسائل التهوية الجيدة، وحوش المدرسة الواسع ليستريح فيه الطلاب أثناء أوقات الاستراحة ويمارسون تمارينهم الرياضية وهواياتهم الترفيهية عقب الحصص الدراسية، أما اذا كانت المباني المدرسية قليلة كما نشاهده في واقع التعليم في اليمن، والترميمات والتجهيزات فيها متدنية فهذا سيؤدي إلى تفاقم المشكلة وتدهور العملية التعليمية، حيث تشير إحصائيات في مجال التربية والتعليم في اليمن إن هناك 49% من مدارس التعليم الأساسي و 23% من مدارس الثانوية لا يوجد بها كهرباء، و47% من مدارس التعليم الأساسي و 27% من مدارس الثانوية لا يتوفر فيها مراحيض أو دورات مياه. (23)
تعد عملية تمويل التعليم المرتكز الأساسي لأحداث التطوير المطلوب في التعليم، كما أنها مقياس حقيقي لمدى الاهتمام به من قبل الحكومة، ولذلك فتمويل التعليم من مسؤولية الدولة، وميزانية التعليم جزء من الميزانية العامة للدولة، والتعليم في اليمن بالمجان في مختلف مراحله من مرحلة التعليم الأساسي حتى نهاية مرحلة التعليم الجامعي. يؤكد الدستور اليمني في مادته (53) أن التعليم حق للمواطنين جميعا تكفله الدولة وفقا للقانون بإنشاء مختلف المدارس والمؤسسات الثقافية والتربوية، والتعليم في المرحلة الأساسية إلزامي، وتعمل الدولة على محو الأمية، ويعتمد تمويل التعليم بدرجة أساسية على ثلاثة مصادر 1- الميزانية العامة للتسويق 2- القروض والمساعدات الخارجية 3- إسهامات المجتمع .
وعلى الرغم من أن الإنفاق على التعليم من الميزانية العامة للدولة إلا أن نسبة السكان الملتحقين بالتعليم في اليمن منخفضة، حيث أن اليمن تحتل مرتبة وسطى في عدد الملتحقين بالتعليم بالنسبة إلى الدول الأخرى، وتشير المعلومات الواردة من الإحصائيات المتعلقة بتمويل التعليم إلى ضعف مصادر التمويل والمتمثلة في الآتي:
- نفقات التعليم الأساسي لا تتلاءم مع تعميم التعليم.
- هناك ارتفاع كبير في الهدر التعليمي في المرحلة الأساسية وهذا ينعكس على كلفة التعليم.
- هناك عدد كبير من المدرسين لا يؤدون النصاب القانوني في التدريس مما يعني هدرا في الإنفاق على التعليم وعدم الاستغلال الأمثل للمدرسين.
- محدودية مصادر التمويل وعدم تنوعها وهدر المتاح.
- عدم فصل ميزانية التعليم الأساسي عن الثانوي.
- ضعف مخصصات الصيانة والترميم والتشغيل والتدريب وإعادة التأهيل.
- 6- التوجيه والإشراف التربوي
يعد التوجيه والإشراف التربوي عملية تفاعل إنسانية اجتماعية تهدف إلى رفع مستوى المعلم المعني إلى درجة ممكنة من أجل رفع كفايته التعليمية، والتطلع إليه كعملية ديمقراطية تعاونية ، طرفاها الموجه والمشرف التربوي والمعلم ، تهدف إلى اكتشاف وتفهم أهداف التعليم ومساعدة المعلم ليتقبل هذه الأهداف ويعمل على تحقيقها .
ويمثل التوجيه والإشراف التربوي نقلة نوعية تبتعد كثيراً عن مفهوم التفتيش وممارسة القائمين عليه ، إذ يلغي نهائياً الاستعلاء على المعلمين وتجريحهم وتصيد أخطائهم، كما يتجاوز التوجيه الفني الذي قد يقف عند حدود متابعة عمل المعلمين في المدارس ومحاولة تصحيح ممارستهم على ضوء الخبرة والنصيحة الوافدتين من خارج المدرسة ، لارتباط التوجيه الفني بتميز الموجه في مادة تعليمية بعينها .
إن التوجيه والإشراف التربوي أزال الحاجز النفسي بين المعلم والمشرف التربوي عندما يكونا طرفين في عملية واحدة يتعاونان على بلوغ أهدافهما، وهكذا تصبح غاية التوجيه والإشراف التربوي تطوير العملية التعليمية ، وهو أمر لا يوحي للمعلم بأي معنى من معاني العجز والضعف أمام الموجه والمشرف التربوي .
مفهوم التوجيه والإشراف التربوي :
إن المفهوم القديم للتوجيه والإشراف التربوي يتأسس على معنى التفتيش وكان يعطي الشعور بأن القصد منه تصيد أخطاء المعلمين والمدرسين ، وكتابة التقارير عن صلاحياتهم ، أما المفهوم الحديث فإنه يتأسس على معنى معاونة المعلم والمدرس على حل المشكلات التي تواجههم والعمل على تطوير قدراتهم ورفع مستوى كفاياتهم المهنية والشخصية وبما يحقق أهدافهم، فالتوجيه والإشراف التربوي عملية قيادية تعاونية منظمة تعنى بالموقف التعليمي بجميع عناصره من مناهج ووسائل وأساليب ، وبيئة ومعلم وطالب ، وتهدف إلى دراسة العوامل المؤثرة في ذلك الموقف وتقييمها للعمل على تحسين التعلم وتنظيمه ، من أجل تحقيق الأفضل لأهداف التعلم والتعليم , لذا فهو جميع النشاطات التربوية المنظمة التعاونية المستمرة ، التي يقوم بها المشرفون التربويون ومدراء المدارس والأقران والمعلمون أنفسهم ، بغية تحسين مهارات المعلمين التعليمية وتطويرها ، مما يؤدي إلى تحقيق أهداف العملية التعليمية، كما أن التوجيه والإشراف التربوي تعد عملية إنسانية تهدف قبل كل شيء إلى الاعتراف بقيمة الفرد وبصفته إنساناً، لكي يتمكن من بناء صرح الثقة المتبادلة بينه وبين المعلم وليتمكن من معرفة الطاقات الموجودة لدى كل فرد ويتعامل معها في ضوء ذلك، وعملية التوجيه والإشراف تعد شاملة لجميع العوامل المؤثرة في تحسين العملية التعليمية وتطويرها ضمن الإطار العام لأهداف التربية والتعليم .
ومن مهام التوجيه و الإشراف
مد الجسور بين الإدارة والمناهج والتدريس ، وتنسيق النشاطات المدرسية ذات العلاقة بالتعليم لتوفير خدمات تعليمية أفضل للطلبة في جميع المستويات الدراسية، إن التوجيه والإشراف علاقة إنسانية تقوم على التعاون المتبادل بين المشرف والمعلم من أجل تطوير العملية التربوية ومتابعة عملية النمو المستمر لكل من المعلم والمتعلم عند إشغالهما بعملية التعلم والتعليم ، لهذا فإن المقترحات والوسائل والإجراءات التي يمكن أن يقوم بها أي مسؤول عن معاونة المعلم والعمل معه لتطوير أساليبه ووسائله هي من أجل تحقيق النمو الكامل للطالب وتوجيه سلوكه وتربيته ليكون مواطناً مفيداً لنفسه ونافعاً مجتمعه، وبما أن التوجيه والإشراف هو الجهود المنظمة جميعها التي يبذلها المسؤولون لتوفير القيادة للمعلمين والعاملين الآخرين في الحقل التربوي في مجال تحسين التعليم مهنياً واختيار وتعديل الأهداف التربوية ومواد التعليم ، وطرائق التدريس وتقويم التعليم ،لهذا فإن التوجيه والإشراف يصبح قيادة تربوية تهيئ فرصاً للمعلمين تساعدهم على تحسين العملية التعليمية والسير فيها وفق أساليب تربوية سليمة مناسبة ، كما تساعدهم على النمو المهني الذي يتضمن تنمية قدراتهم ومهاراتهم المهنية اللازمة لاستمرار نجاحهم كموجهين ومرشدين للطلبة ، والتوجيه والإشراف التربوي في مفهومه الحديث لم يعد مهمة واحدة وهي مساعدة المعلم على تطوير أساليبه ووسائله في غرفة الفصل بل أصبح يمثل مهام كثيرة هي تطوير الموقف التعليمي بجميع جوانبه وعناصره من خلال مهام ومسؤوليات المشرفين المسؤولين عن التعليم(24)
ومن خلال هذا الطرح بخصوص واقع التعليم في اليمن والقضايا الرئيسية للتعليم العام في اليمن، هناك مجموعة من الحلول لتدهور أوضاع التعليم العام تتمثل في الآتي:
- وقف الصراع الدائر في اليمن وتحقيق المصالحة الوطنية
- ضرورة الاهتمام بحقوق المعلمين وصرف رواتبهم
- تطوير المناهج الدراسية بما يتلائم مع متطلبات العصر الرقمي وتكنولوجيا المعلومات
- تطوير البنية التحتية للتعليم العام في اليمن
- ضرورة اهتمام الجهات المسؤولة بقطاع التعليم
- تحسين الوضع الاقتصادي للناس واللي بدوره يؤدي إلى تحسين وضع التعليم في اليمن
- خلق أجواء تعليمية مناسبة للطالب
- التواصل بين الأسرة والمدرسة
- تأهيل الكادر التعليمي والإداري
- تفعيل دور التوجيه والإشراف على التعليم (25)
الخلاصة:
يمثل التعليم حجر الزواية في أي عملية تغييرية يراد تحقيقها وبلوغها، فلاهناك ثمة وصفة سحرية لمعالجة المشكلات الوطنية المزمنة أو المستعصية أفضل من تعليم الإنسان وفتح آفاق المعرفه لديه، كي ينهل من علومها وتجاربها، وكي يتعلم ويستفيد ويبحث في ماأفرزته الحضارة الإنسانية من خبرات وتجارب ونماذج ناجحة عادت بأكلها على كل باحث جاد، وعلى كل متعلم مجتهد، وعلى كل مجتمع سلك درب العلم والمعرفة، فما من شك أن الدول القوية المزدهرة في الحاضر اقتصاديا وصناعيا وديمقراطيا وعسكريا، ماكان لها تحقيق هذه الريادة والهيمنة في شتى النواحي، لولا أنها أولت التعليم اهتمامها الأكبر وانفقت في سبيله المال الطائل.
فالتعليم والاهتمام به من الحكومات والمجتمعات، مثل فاتحة للقضاء على مشكلات وأزمات وطنية ومجتمعية لطالما حالت وأعاقت مسيرة تلك الدول القوية، المتربعة على اقتصاديات العالم، وبالمقابل حين قل الاهتمام والدعم للتعليم من الحكومات والمجتمعات، كان ولابد من تخلف هذه الدول القابعة في قاع مشكلات الفقر والبطالة والمرض والجوع والقمع والخوف والحروب وغيرها من المشكلات البارزة المهيمنة على سلوك وتفكير المجتمعات المتخلفة.
الهوامش:
1- معاجم المعاني في العربية : جمال محمد السيد إبراهيم، 2014م
2- معجم الرائد: جبران مسعود، 1992م
3-علوي محمد سعيد سلمان: ضعف التعليم في اليمن. ط1(صنعاء: مكتبة الصادق للطباعة والنشر،2018م) ص17
4- رجاء عباس محمد: أساليب التعلم والتعليم في السنة النبوية الشريفة( جامعة بابل: كلية العلوم الإسلامية، 2020م) ص117
5- حمزة محيميد السلطاني: مفهوم التدريس(جامعة بابل: كلية التربية، 2011م)
6- علوي سلمان :(2018) مرجع سابق ص18
7- موقع التعليم طريق المستقبل
8- موقع أنباء التعليم
9- موقع دار الحكيم الموضوع حق التعليم
10- موقع إسكاي التعليمي
11- أحمد علي الحاج: التعليم اليمني جذور تشكله واتجاهات تطوره( صنعاء: دار الشوكاني للطباعة والنشر، 2008) ص77
12- علوي سلمان: (2018) مرجع سابق ص25
13- موقع خالد مطهر العدواني، المشكلات التي يعاني منها التعليم الأساسي في اليمن
14- علي الفقيه: أسباب التدني بمستوى التعليم العام والعالي وطرق معالجتها( صنعاء: مركز منار للدراسات التاريخية)
15- بدر سعيد الأغبري: قضايا ومشكلات التعليم في اليمن(صنعاء: دار الكتاب الجامعي، 2007) ص42
16-علوي سلمان: (2018) مرجع سابق ص99
17- موقع اليونيسف للتقارير الخاصة بالتعليم
18- بدر سعيد الأغبري: (2007) مرجع سابق ص49
19- التسرب المدرسي مفهومه أنواعه أسبابه، موقع ستار شمس
20- علوي سلمان(2018) مرجع سابق ص65
21- بدر سعيد الأغبري: نظام التعليم في الجمهورية اليمنية(صنعاء: دار إقرأ للنشر، 1993م)
22- بدر سعيد الأغبري: (2007) مرجع سابق ص ص 53-75
23- علي هود باعباد: التعليم في الجمهورية اليمنية ماضيه حاضره مستقبله(صنعاء: مكتبة الارشاد للنشر، 2005م)ص ص 53-54
24- مازن هادي إبراهيم الطائي: مفهوم التوجيه والإشراف في العملية التعليمية(جامعة المستقبل العراق: كلية التربية، 2020م)
25- علوي سلمان: (2018م) مرجع سابق ص ص 186- 187