يمرّ القطاع التعليمي في اليمن بواحدة من أسوأ مراحله في التاريخ الحديث، حيث أصبح انقطاع رواتب المعلمين لأكثر من عشر سنوات عاملًا مفصليًا في انهيار المنظومة التعليمية، ومصدرًا رئيسيًا لمعاناة الملايين من الطلاب وأسرهم. فالمعلم—الركيزة الأساسية لبناء الأجيال—وجد نفسه عاجزًا عن تلبية احتياجاته الأساسية، في ظل غياب الحلول واستمرار الصراع الذي أنهك كل مؤسسات الدولة.
منذ توقّف صرف الرواتب بشكل منتظم، اضطر معظم المعلمين إلى البحث عن أعمال بديلة لتوفير لقمة العيش، ما أدى إلى غياب آلاف المعلمين من الفصول الدراسية، وانخفاض جودة التعليم، وتراجع مستوى التحصيل العلمي للطلاب. بل إن البعض اضطر لترك مهنة التعليم نهائيًا، فيما بقي آخرون يعملون في ظروف قاسية بدافع المسؤولية الأخلاقية فقط.
لم يقتصر الضرر على المعلمين فحسب، بل امتدّ ليشمل الطلاب، حيث ارتفعت نسب التسرب، وتزايدت حالات العنف المدرسي، وتدهورت البنية التحتية التعليمية. كما تراجعت الأنشطة المدرسية وبرامج الدعم النفسي والاجتماعي، ما جعل البيئة التعليمية طاردة وغير مناسبة للتعلم.
ورغم النداءات المتكررة من منظمات محلية ودولية لإنقاذ العملية التعليمية، إلا أن الأزمة لا تزال مستمرة، وسط غياب رؤية واضحة لإعادة صرف الرواتب أو تحسين بيئة التعليم. ومع مرور السنوات، يتعمق الشرخ وتتزايد الفجوة المعرفية بين الطلاب في اليمن ونظرائهم في الدول الأخرى، ما يهدد مستقبل جيل كامل.
إن التعليم ليس ترفًا، بل هو أساس بناء المجتمع والدولة. واستمرار تجاهل معاناة المعلمين سيؤدي إلى نتائج خطيرة على المدى البعيد، أبرزها تفاقم الأمية، وازدياد البطالة، وانهيار منظومة القيم، فضلًا عن استمرار دوامة الفقر والصراع.
ختامًا
أصبح انقطاع رواتب المعلمين لعشر سنوات الشرارة الأكبر في تدهور التعليم في اليمن، وعاملًا رئيسيًا في تهديد مستقبل الأجيال القادمة. ولا بد من تحرك عاجل ومسؤول لإعادة الاعتبار للمعلم، باعتباره حجر الأساس لأي نهضة تعليمية أو اجتماعية.