آخر تحديث :الأحد-21 ديسمبر 2025-12:06ص

الفساد والظلم الاجتماعي

السبت - 06 ديسمبر 2025 - الساعة 01:18 م
الشيخ أحمد المريسي

بقلم: الشيخ أحمد المريسي
- ارشيف الكاتب


عندما يرى المواطن أن الدولة لا تعمل لصالحه، وأنه لا يملك حقوقًا مساوية للآخرين، فإنه يفقد الثقة في الدولة وفي نفسه٠


هذا الوضع يؤدي إلى تدهور قيم المواطنة والانتماء، ويجعل الناس لا يهتمون بالدفاع عن وطنهم. إذا كان المواطن لا يشعر بأنه جزء من الدولة، ولا يرى أن الدولة تعمل لصالحه، فإنه لن يكون مستعدًا للتضحية من أجلها.


يجب على الدولة أن تعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية، وأن توفر للمواطنين فرصًا متساوية، وأن تحمي حقوقهم. إذا لم يتم ذلك، فإن الهزيمة ستكون حتمية، سواء كانت في الحرب أو في التنمية أو في أي مجال آخر.


عندما أراد تولستوي أن يؤرخ لهزيمة شعبه في رواية «الحرب والسلم»، بدأ روايته بهذا المشهد:

مجموعة من أبناء الأغنياء يعربدون وسط الليل وقد أذهبت الخمر عقولهم، يقومون من باب التسلية بربط "شرطي" وهو في زيه الرسمي بأحد الدببة وسط ضحك هستيري لا يهدأ. ربطوا ممثل الدولة في دب ثم أفلتوا له العنان ليروا ما يحدث.

يتبع ذلك مشهد "توبيخ" بسيط من آبائهم لهؤلاء المشاكسين على ما فعلوه، توبيخ بسيط لا أكثر!

اختار تولستوي "الشرطي" عن عمد ليشير أن الدولة والقانون لا ينطبق على بعض الناس الذين ينظرون للدولة كأملاك خاصة بكل ما تحمله الكلمة من دلالة، بل إن الدولة ومن فيها مسخرين لخدمتهم. أما عن المواطن -مهما علا شأنه- فهو مجرد رقم بشري لا قيمة له إطلاقًا.

بهذه الصورة تكون الهزيمة مبررة أيما تبرير، فلا هؤلاء سيضحون في سبيل نصرة وطن تنعموا بخيراته وقت السلم، ولا من حُرم أدنى الحقوق بمستعد للموت في سبيل وطن ليس له!

وهذا ما يقوله التاريخ لنا، لا هزيمة لأمة إلا إن وُجدت لها الأسباب الداخلية التي تساهم في وقوعها!