آخر تحديث :الجمعة-19 ديسمبر 2025-11:07م

في الجنوب… هل يتكرّر سيناريو الماضي عبر بوابة حضرموت؟

الإثنين - 01 ديسمبر 2025 - الساعة 06:49 م
مشكور المليشي

بقلم: مشكور المليشي
- ارشيف الكاتب


في ظل التحشيد العسكري المتصاعد للقوى الجنوبية الموالية للمجلس الانتقالي الجنوبي، إلى جانب قوات الدعم الأمني بقيادة أبو علي الحضرمي، تتجه الأنظار نحو حضرموت التي أصبحت اليوم محورًا لصراع النفوذ ومحاولة بسط السيطرة على منابع النفط والمواقع العسكرية الحسّاسة التي يتواجد فيها الشيخ عمرو بن حبريش وحلف قبائل حضرموت. هذا الحلف، الذي برز حضرمياً خلال الفترة الأخيرة، يحاول التمسك بحقوق المحافظة والدفاع عن وجودها، في مقابل تحركات عسكرية تسعى إلى فرض واقع جديد على الأرض.


وتأتي هذه التطورات الخطيرة في لحظة حساسة يعيشها الجنوب، في ظل وضع اقتصادي هش، وانقسام سياسي عميق، وتراجع لمفهوم الدولة، ما يجعل أي تصعيد عسكري مغامرة غير محسوبة قد تجرّ حضرموت إلى أتون صراع دامٍ لا يخدم أبناءها ولا يخدم الجنوب ككل. فالمحافظة التي عرفت تاريخياً بالاستقرار وبكونها مركز ثقل اقتصادي ونموذجًا مختلفًا عن بقية المحافظات، تبدو اليوم مهددة بفقدان هذا التميّز إذا ما استمر الدفع نحو المواجهة.


إن استمرار التحشيد من الطرفين، دون أدنى محاولة لتهدئة التوتر أو فتح نافذة للحوار، يعيد إلى الأذهان سيناريوهات الماضي المؤلمة التي عاشتها محافظات الجنوب، حين تحوّل الصراع السياسي إلى صراع مسلح دمّر المدن وأضعف المجتمع وقوّض مؤسسات الدولة. وما أشبه اليوم بالأمس، حين تبدو حضرموت وكأنها بوابة جديدة لإعادة إنتاج تلك المشاهد، ولكن بثمن أكبر وخسائر أوسع.


إن الخطر الحقيقي لا يكمن فقط في التحركات العسكرية، بل في قلب معادلة السلام الحضرمي التي حافظت عليها الأجيال، وفي العبث بالمكان الذي ظل لعقود نموذجاً للهدوء والانضباط المدني مقارنة بغيره من المحافظات. وإذا ما انفجر الوضع في حضرموت، فإن انعكاساته ستطال كل الجنوب، بل وستفتح الباب على مرحلة جديدة من الاضطرابات لا أحد يعرف كيف ستنتهي.


وفي ظل هذه المستجدات، يبدو من الضروري أن تدرك أطراف الصراع حجم المسؤولية وأن تحكّم العقل قبل أن تتجاوز الأحداث الخطوط الحمراء. فالمواجهة التي يُلوَّح بها لن تكون انتصارًا لطرف، بل خسارة للجميع، وستضع حضرموت في وضع لم تعرفه عبر تاريخها الحديث. المطلوب اليوم هو إيقاف التصعيد، وفتح باب الحوار، ومنح صوت الحكمة مساحة أكبر قبل أن يقع الفأس في الرأس.


والله ولي التوفيق