آخر تحديث :الخميس-27 نوفمبر 2025-07:55م

اليمن بين الإنجاز والمعوقات.. كيف ترسو إصلاحات بن بريك على شاطئ دولة قوية؟

الثلاثاء - 25 نوفمبر 2025 - الساعة 03:27 م
معين الصبيحي

بقلم: معين الصبيحي
- ارشيف الكاتب


في مرحلة دقيقة تمرّ بها البلاد، تتجه الأنظار نحو الخطط الاقتصادية والإدارية التي يقودها رئيس الحكومة اليمنية سالم بن بريك، بدعم مباشر من مجلس القيادة الرئاسي برئاسة الدكتور رشاد العليمي، وبمساندة دولية وإقليمية واسعة ترى في اليمن دولة تستحق النهوض إذا توافرت الإرادة السياسية والالتزام المؤسسي.

الحكومة اليوم تمتلك رؤية إصلاحية واضحة، تضع في مقدمتها إعادة ضبط المالية العامة، وتنظيم الإنفاق، وتعزيز الشفافية، واستعادة السيطرة على موارد الدولة التي تبعثرت خلال سنوات الحرب. وتؤكد الحكومة أن حجر الزاوية في نجاح هذه العملية يتمثل في توريد جميع الإيرادات إلى البنك المركزي اليمني، باعتباره المؤسسة السيادية الوحيدة القادرة على إدارة السياسة النقدية والمالية للدولة.


معركة توريد الإيرادات: الاختبار الأصعب رغم وضوح الأولوية وضرورتها، ما تزال الإصلاحات المالية متعثرة بسبب امتناع عدد من المؤسسات الإيرادية والسلطات المحلية عن توريد إيراداتها إلى البنك المركزي. هذا التمرد المؤسسي خلق فجوة كبيرة في قدرة الحكومة على تمويل التزاماتها، وأفقدها أحد أهم أدوات استعادة السيطرة على الاقتصاد.

والنتيجة كانت صادمة للرأي العام: عجز الحكومة عن توفير الموارد الذاتية دفعها إلى جدولة صرف المرتبات عبر معونات خارجية نصف سنوية، الأمر الذي شكّل ضربة موجعة لآمال اليمنيين في عودة الدولة إلى العمل الطبيعي واستعادة ثقتها بنفسها وبمؤسساتها.


الدعم الدولي والإقليمي: فرصة قد لا تتكرر

الدول الراعية للملف اليمني – وعلى رأسها دول الرباعية – أعلنت بوضوح تأييدها للإصلاحات الاقتصادية، بل وأكدت أنها ستتخذ إجراءات عقابية بحق أي جهة تعرقل مسار الإصلاح أو تمنع توريد الإيرادات. هذه المساندة الخارجية تمنح الحكومة فرصة ذهبية لتطبيق السياسات الجديدة، لكنها أيضاً تضعها أمام مسؤولية تاريخية: إثبات الجدية والقدرة على فرض النظام المالي الجديد.


رسالة مجلس القيادة الرئاسي: الحزم أولاً

مجلس القيادة الرئاسي منح الحكومة تفويضاً واسعاً لقيادة الإصلاحات، كما وضع سياسات صارمة لإعادة هيكلة المالية العامة، ووجّه بضرورة ضبط المؤسسات المحلية، وإلغاء كل الحسابات خارج البنك المركزي، وتفعيل الرقابة على الموارد النفطية والضريبية والجمركية.

غير أنّ هذه الخطوات لن تكون ذات قيمة ما لم تترافق مع إجراءات قوية ضد الجهات المتمردة، فالإصلاح لا ينجح بالنوايا، بل بقدرة الحكومة على فرض سلطتها على الأرض.

ما الذي سيحدث إذا لم تنجح الإصلاحات؟


سيناريو الفشل سيكون مكلفاً للغاية:

استمرار عجز الدولة عن تمويل رواتب الموظفين.

اعتماد كامل على المعونات الخارجية.

فقدان ثقة المجتمع الدولي بقدرة الحكومة على تنفيذ التزاماتها.

انهيار فرص الاستثمار وإعادة الإعمار.

استمرار التشظي المالي بين المحافظات.

أما النجاح، فسيفتح الباب لمرحلة جديدة تعيد للدولة هيبتها، وتعيد للاقتصاد اليمني قدرته على العمل بشكل طبيعي، وتمنح الشعب أملاً طال انتظاره.

شكر مستحق لمن التزم بالطريق الصحيح

وفي ظل هذه الظروف، تُسجَّل إشادة لكل الجهات الرسمية التي تعاونت مع الحكومة ونفّذت توجيهات مجلس القيادة الرئاسي بشأن الإصلاحات، وفي مقدمتها قيادة محافظة لحج ممثلة بالمحافظ اللواء أحمد عبدالله تركي، الذي قدم نموذجاً إيجابياً في الالتزام والانضباط المالي، وأثبت أن التعاون بين الحكومة والسلطات المحلية ممكن عندما تتوفر الإرادة.