آخر تحديث :السبت-22 نوفمبر 2025-05:23م

شبوة.. تكتب تاريخها بالعسل و القصيدة

السبت - 15 نوفمبر 2025 - الساعة 04:35 م
عمر الحار

بقلم: عمر الحار
- ارشيف الكاتب


عمر الحار.


في شهرٍ يقطر بالعسل والقصيدة، تكتسي شبوة حلةً من الجمال المزدوج، حيث تتقاطع مسارات النحل والشعراء على أرضٍ واحدة، ليصنعوا معًا هويتها الثقافية والاقتصادية الفريدة. وبين رحيق العسل وصدى القصيدة، تكتب شبوة روايتها الجديدة عن الإبداع والعمل، وعن كيف يكون الجمال موردًا كما يكون الرزق معنى.


في شبوة، لا يختلف طعم العسل عن نغمة الشعر، فكلاهما يقطر من عمق الروح ومن تربة المكان. وبينما احتض نوفمبر بنجاحٍ كبير مهرجان العسل الأول، فتح ذراعيه لمسابقة "شاعر شبوة" في نسختها الرابعة، وكأن الشهر نفسه قد أقسم أن لا يمر إلا وهو مفعم برحيق الحروف، و بنكهة العسلِ.


هنا، في أرضٍ يعرفها النحل كما يعرفها الشعراء، يتداخل المذاق بالمعنى، وتلتقي القوارير بالعواطف. فالعسل الشبواني ليس مجرد منتجٍ زراعي، بل ذاكرةُ جبالٍ وسهولٍ ووديان، ترويها الأزهار وتوثقها النحل. وكذلك الشعر في شبوة، ليس زينةَ مجالس، بل نبضُ وجدانٍ يعبر عن الأرض والإنسان، ويعيد رسم ملامح المحافظة في كل بيتٍ من القصيدة.


في زمنٍ تفرقت فيه السبل بين من يزرع ومن يكتب، تأتي شبوة لتقول كلمتها الخاصة: لا فصل بين النحل والشاعر، فكلاهما يعمل في صمتٍ ليمنح الآخرين سعادةً بطعمٍ مختلف. النحل يعيد توازن الطبيعة، والشاعر يعيد توازن الروح. وحين تجتمع مشاريع التنمية الزراعية مع مواسم الإبداع الثقافي، يتكوّن نسيجٌ فريد من هويةٍ شبوانيةٍ لا تُشبه سواها، تمتد من خلايا العسل إلى دواوين الشعر.


العسل يرفع اقتصادها، والشعر يرفع مكانتها. الأول يغذي الجسد، والثاني يغذي الوجدان، وكلاهما يصنع “قيمة” تثبّت شبوة في خارطة الضوء اليمني. وما أجمل أن يُكتب التاريخ في هذه المحافظة برائحة السدر وبصوت القصيدة، لتغدو نموذجًا لمستقبلٍ يؤمن أن الثقافة يمكن أن تكون موردًا، كما يكون العسل مصدر رزقٍ واعتزازٍ في آنٍ واحد.


وهكذا تمضي شبوة، لا كأيّ محافظةٍ في خارطة اليمن، بل كأنها قصيدةٌ تُتلى في موسم الرحيق. من بين خلايا النحل وأصوات الشعراء، تكتب هذه الأرض فصلها الأجمل، حيث يتحوّل العسل إلى لغةٍ، ويتحوّل الشعر إلى اقتصادٍ للروح. في نوفمبر، يلتقي النحل بالشعر، والسدر بالقصيدة، والعسل بالكلمة، ليقولوا للعالم إن شبوة لا تُنتج العسل فحسب، بل تُنتج المعنى. ومن بين وديانها وجبالها، يصعد صدى واحد لا يبهت:


هنا شبوة .. تكتب تاريخها بالعسل والقصيدة .