بقلم / حسن علوي الكاف
مستشار وزير الإعلام والثقافة والسياحة :
==================
تتفاخر بلدان العالم بإمتلاكها للتاريخ و الإرث الحضاري الكبير وتجسد ذلك من خلال إقامة عدة متاحف متخصصة ومتنوعة بطرق علمية مدروسة تضم تلك الآثار والمقتنيات التاريخية الثمينة والنادرة والحفاظ عليها و بلادنا الجمهورية اليمنية تعد متحفا مفتوحا للسياح و للزوار لما تحتويه من تاريخ وكنوز وتنوع تراثي وإرث حضاري عريق فقد شهدت بلادنا إقامة أول متحف عام 1930م في صهاريج عدن ومن ثم أقيمت عدة متاحف في صنعاء وحضرموت وتعز وغيرها قبل قيام ثورتي سبتمبر وأكتوبر بهدف جمع تلك الآثار التاريخية وابراز الموروث الحضاري والثقافي والحفاظ عليه من الضياع والاندثار في وقت نشاهد بين فترة وآخرى كثير من القطع والآثار اليمنية القديمة تعرض للبيع في المزادات الأوروبية والأمريكية بعد تهريبها من بلادنا من قبل ضعاف النفوس ولا ننس الدور الكبير الذي تبذله قيادة الدولة و وزارة الإعلام والثقافة والسياحة في استرداد بعض من تلك الآثار التي نهبت ، كما نشدد على الجهات الأمنية ويقضتها المستمرة بالمنافذ البرية والجوية والبحرية و الإمساك بعدد من القطع الأثرية التي يراد تهريبها خارج الوطن مهما كانت الاغراءات فهي ثروة قومية يجب الحفاظ عليها .
إن التاريخ والارث الحضاري الذي تكتنزه بلادنا لم يتم الإستفادة منه بالشكل المطلوب فالمتاحف في بلادنا عددها قليل جدا ولم تحظ بإهتمام ورعاية وشاهدنا دول تستفيد من تلك المتاحف للترويج عن تاريخها وحضارتها وموروثها ومكانتها بين الشعوب و تدر عليها عائدا ماديا كبيرا من خلال فرض رسوم على السياح و الزوار وشاهدنا ذلك في دول كثيرة منها مصر حيث القلاع والحصون و المتاحف يتوافد إليها الزوار من مختلف أنحاء العالم للتعرف على تلك الحضارات القديمة الممتدة لآلاف السنين .
قبل فترة زرت متحف المكلا وطفت بأقسام المتحف وهو المتحف الوحيد في عاصمة المحافظة والواقع في قصر السلطان القعيطي وتعرفت على مايحويه من قطع أثرية تاريخية ونقوش تحكي حضارة حضرموت في العصور القديمة فقد أسس هذا المتحف في أغسطس عام 1964م بمبنى صغير ومن ثم تم نقله إلى قصر السلطان القعيطي وقد تعرض هذا المتحف للتدمير والإهمال كون الثقافة المتحفية غائبة تماما على مجتمعنا في وقت تتسابق وتفتتح كثير من المتاحف في بلدان المنطقة العربية وغيرها حيث يتم التفاخر والتباهي بها وما شاهدناه من افتتاح مبهر للمتحف المصري الكبير خير دليل على أهمية المتاحف وقيمتها الكبيرة .
المتحف الحربي بعدن طاله التدمير ورغم تحرير العاصمة عدن من قوات الحوثي لم يتم إعادة ترميمه وإعادته للسياح وللزوار لليوم ، و في ساحل حضرموت وبعد تحريره من تنظيم القاعدة وإعادة مؤسسات الدولة تم إعادة متحف المكلا من الجديد بعد ترميمه وتأهيله ليكون قبلة للزوار وللمهتمين عام 2020م في عهد محافظة حضرموت الأسبق اللواء فرج البحسني إدراكا منه بأهمية المتحف وما يحتويه من نقوش وآثار حضرمية ثمينة ليكون قبلة للسياح و للزوار وهذه بصمة طيبة تستحق الإشادة والتقدير و يعرف قدرها المهتمين بالتراث والتاريخ والآثار وهناك أيضا متحف في مدينة سيئون في قصر الكثيري و كم تمنيت أن تقام متاحف بعدة محافظات الجمهورية مثل مأرب و إب و البيضاء و المهره وغيرها فعدد المتاحف في بلادنا قليل جدا و حضرموت يجب أن تكون لديها عدة متاحف بمدنها التاريخية شبام وتريم ودوعن والهجرين والشحر وغيل باوزير ليواكب التاريخ والعراقة والإرث حضرمي التليد .
ورغم ما نعيشه من أزمات إلا أن الأمل لازال يحدونا بأن تنظر القيادة السياسية ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي ورئيس مجلس الوزراء و قيادة وزارة الإعلام والثقافة والسياحة و السلطات المحلية بالمحافظات والمنظمات الدولية المهتمة بالتراث وكل الخيرين والمهتمين بأن تعطى الأولوية والأهمية للمتاحف من خلال إعداد خطط استراتيجية مدروسة و رؤية ثاقبة في إنشاء المتاحف في عدة مدن تاريخية يمنية والاستفادة من خبرات الدولة والحفاظ على القلاع والحصون والقصور وترميمها والعمل على نشر الثقافة المتحفية بين أوساط المجتمع والتعريف بأهمية التراث الحضاري والحفاظ عليه من التدمير والإهمال ومن التهريب للخارج ...