اليمن..... أولاً
في زمنٍ يزدحم فيه المشهد الإعلامي بالأصوات المتضاربة والمشاريع المتنازعة، تحتاج الأمة إلى أصواتٍ تمتلك الصدق والاتزان والقدرة على التعبير عن الوطن لا عن الفئة أو الجهة. ومن بين هذه الأصوات النادرة التي تجمع بين التجربة الميدانية والرؤية الوطنية الشاملة، يبرز معالي الوزير أحمد الميسري والشيخ أحمد صالح العيسي، اللذان يشكلان بوجودهما وإيمانهما بالوطنية الصادقة قيمةً لا يمكن تعويضها.
إن غيابهما عن المنابر الوطنية والإعلامية في مناسباتٍ كبرى مثل ثورة الرابع عشر من أكتوبر، وذكرى السادس والعشرين من سبتمبر، وعيد الاستقلال الثلاثين من نوفمبر، لم يعد مجرد غيابٍ شخصي، بل أصبح فراغًا وطنيًا في الوعي العام، لأن الكلمة الوطنية حين تغيب، يعلو مكانها الضجيج الدعائي. فالكثير من المنابر التي تصدرها البعض في خطابات تلفزيونيه في هذه المناسبات الوطنيه الهامه اليوم تحوّلت إلى أدواتٍ في يد المشاريع الإقليمية أو المحلية الضيقة، تعيد صياغة التاريخ والبطولة والوطنية على مقاس الممولين. وعندما يغيب الصوت الصادق، يملأ الفراغ الضجيج المأجور، وتضيع الحقيقة بين مصالح المتصارعين.
وجود الميسري والعيسي على هذه المنابر الاعلامية يعني استعادة التوازن الإعلامي الوطني، وإحياء فكرة الخطاب الصادق القادر على مواجهة التضليل بالكلمة الواعية لا بالشتيمة ولا بالإقصاء. إن الناس في اليمن اليوم سئموا من الأصوات التي تتحدث باسم الوطن وهي منفصلة تمامًا عن معاناة الشعب، فالكثير من الخطب لا تمسّ وجدان المواطن ولا تعبّر عن ألمه. أما الميسري والعيسي، فهما شخصيتان صنعتا حضورهما من خلال المواقف والصدق والميدان، لا من خلال المناصب أو النفوذ. كلمتهما حين تصدر، تحمل وزن التجربة وحرارة الواقع، ويصل صداهما إلى الناس لأنهما يتحدثان بلسان المواطن، لا بلسان المكاتب الرسمية أو القصور السياسية....
المنبر الإعلامي اليوم ليس مجرد شاشة أو صحيفة، بل سلاح وطني حقيقي. في زمن الصراعات المعقدة، أصبحت الكلمة المخلصة أقوى من الرصاصة، لأنها قادرة على تشكيل وعي الأمة. والمنابر الوطنية بحاجة إلى من يفكك الخطاب الانقسامي ويعيد تعريف مفاهيم الثورة والاستقلال والسيادة في أذهان الأجيال الجديدة. وحين يتحدث الميسري أو العيسي، فإن رسالتهما لا تتوجه فقط إلى جمهور محلي، بل إلى الداخل والخارج معًا، لتقول إن اليمن ما زال يمتلك رجال دولة حقيقيين لا مجرد موظفين في صراعات الآخرين.
المنابر الوطنية الحقيقية ليست المكان فقط، بل الفكرة التي يحملها الصوت. فحين يخرج العيسي أو الميسري في مقابلةٍ إعلامية أو في خطابٍ عام في مثل احدى هذه المناسبات اول منعطفات الهامه في حياتي اليمن والمواطن اليمني ، فإنهما يبعثان في الناس إحساسًا بأن الوطنية لم تمت، وأن النضال لا يزال ممكنًا. المنبر بلا مضمون يتحول إلى صدى أجوف، أما حين يعتليه رجل صادق الموقف، فإنه يمنح الكلمة روحها، ويعيد للناس ثقتهم بأن هناك من يتحدث باسمهم بضميرٍ حي.
اليمن اليوم يعيش لحظة وعي مضطربة، والرأي العام مشتت بين دعايات متناقضة. ووجود شخصيتين تمتلكان رصيدًا وطنيًا وتاريخًا نضاليًا مثل الميسري والعيسي يمكن أن يعيد توجيه البوصلة الوطنية نحو القيم العليا للوطن: الوحدة، السيادة، العدالة، والكرامة. فالكلمة الواحدة منهما قادرة على تحريك الوعي العام، وتغيير اتجاه المزاج الشعبي، وفتح أفق جديد للنقاش الوطني.
إن ما يميز الميسري والعيسي أنهما يجمعان بين الحسّ الشعبي والفهم المؤسسي للدولة، فهما يعرفان الناس كما يعرفان بنية النظام، ويتحدثان بلغة تجمع بين العفوية والمسؤولية. وعندما يظهران عبر المنابر الإعلامية، فإنهما يخاطبان العقل والوجدان في آنٍ واحد، لأنهما يتحدثان من تجربةٍ حقيقية ومن رؤيةٍ وطنية لا تعرف التزييف ولا النفاق السياسي.
إن المنابر الوطنية والإعلامية ليست رفاهية في زمن الأزمات، بل ساحة من ساحات المعركة على الوعي. وحين يغيب عنها الصوت الوطني الصادق، تملؤها الأصوات الزائفة التي تبيع الأمل وتزور التاريخ وتعيد صياغة المفاهيم على مقاس مصالحها. ولهذا، فإن وجود أحمد الميسري وأحمد صالح العيسي في قلب المشهد الإعلامي الوطني أصبح ضرورة لا خيارًا. فالكلمة الصادرة عنهما ليست مجرد خطابٍ سياسي، بل فعل مقاومة، وسلاح وعي، ورسالة إنقاذٍ لوطنٍ يحتاج من يقول الحقيقة بجرأة، ويعيد تعريف الوطنية بمعناها الأصيل: أن تكون مع الشعب، لا فوقه، ومع اليمن، لا مع من يحاولون تقسيمه.