بقلم: د/ عارف محمد عباد السقاف
عدن، لحج، أبين ... ثلاث محافظات في ظلام دامس وحكومة تتوهج بالتصريحات!
و كما يبدو أن الكهرباء قررت تقديم استقالة جماعية، فقد سئمت العمل دون راتب، وقررت أن تمنح نفسها إجازة مفتوحة
في عدن، احتفل المسؤولين أمس بتحقيق رقم قياسي جديد في موسوعة غينيس للانطفاءات، إذ تجاوزت المدينة بانطفاء أكثر من اربعة والعشرين ساعة متواصلة من الظلام الحالك. بينما في لحج وأبين، الوضع أكثر تقدما — أو لنقل أكثر سوادا — حيث تجاوز الانقطاع أسبوعا كاملا، لتتحول الليالي هناك إلى "دورات تدريبية مجانية" في كيفية العيش في العصر الحجري.
ولأن الحكومة والمجلس الموقر لا يتركون إنجازا إلا و احتفلوا به، فقد تداولت الأنباء أن هناك لجنة تعمل حاليا على إصدار بيان فخم بعنوان: نجاح خطة التوفير الوطني: إطفاء شامل يضمن راحة الشبكة وراحة بال المسؤولين!.
في لحج، أصبح المولد المنزلي أهم من المكيف، والشمعة تعامل كعضو من الأسرة له احترامه ومكانه. أما في أبين، فالمواطن بدأ يميز أنواع الظلام: ظلام طبيعي، ظلام بسبب الغيوم، وظلام من صنع الحكومة.
عدن من جهتها دخلت مرحلة الاعتماد الذاتي، فالمواطن يعتمد على عرقه لتوليد الطاقة، والبطارية أصبحت أغلى من الذهب.
أما الحكومة؟ فهي كعادتها في ضوء ساطع من التصريحات المضيئة: "نعمل على معالجة المشكلة جذريا"، "نجري صيانة عاجلة"، "الأزمة تحت السيطرة" نعم، تحت السيطرة الكاملة، والدليل أن الظلام أصبح يغطي ثلاث محافظات كاملة دون أي عمل يذكر!
في الحقيقة، يجب أن نعترف أن هناك عبقرية في الإدارة، قليل من الصبر، كثير من الظلام، و جرعة يومية من الأعذار، كفيلة بجعل المواطن يعيش تجربة العيش في الظلام وكأنها برنامج وطني للتقشف الكهربائي.
لكن رغم كل شيء، سيبقى المواطن في عدن ولحج وأبين هو النور الحقيقي، لأنهم وحدهم من يضيئون هذا الوطن بالصبر، بينما بقية المضيئين" يكتفون بالجلوس تحت مكيفات بالمولدات الممولة حكوميا.