آخر تحديث :السبت-18 أكتوبر 2025-01:30م

طوفان الأقصى: حماس والمقاومة في غزة تنجز وعدها وتكرِّس فشل (إسرائيل)؟

الجمعة - 17 أكتوبر 2025 - الساعة 12:07 ص
جلال الصمدي

بقلم: جلال الصمدي
- ارشيف الكاتب


منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة في أكتوبر من العام 2023م،تحوّل ملف الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية وفي مقدمتها كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس إلى ركيزة استراتيجية مفصلية ليس مجرد بند تفاوضي،بل أداة ضغط سياسية ونفسية أعادت رسم موازين القوة.بعد عامين من القصف والإفقار والتدمير أثبتت المقاومة الفلسطينية في القطاع قدرة تكتيكية واستخباراتية على إدارة ملف الأسرى بحنكة حتى بدا أن إسرائيل التي كانت تفخر بتفوّقها الأمني لم تنجح في تحرير أسيرٍ واحدٍ من قبضة المقاومة في القطاع وفشلت فشلاً ذريعاً في استرجاعهم من قبضه المقاومة رغم استخدامها كل أشكال الضغط العسكري والاستخباراتي وعمليات التسلل،إلى التهديدات الإعلامية لكن كل ذلك ارتدّ عليها خيبة تلو الأخرى وكل محاولاتها بائت بالفشل أمام صمت وتماسك وانضباط قسامي مهيب يحفظ للأسرى قيمتهم،ويجعل مصيرهم رهينة بشروط لا تفرضها إلا المقاومة التي أثبتت أن أن اليد التي تأسر،قادرة على أن تُفاوض وتفرض وتنتصر.


لم يكن تعامل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وفي مقدمة ذلك كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس مع ملف الأسرى الإسرائيليين عشوائياً أو ارتجالياً،بل تكتيكاً محسوباً مبنياً على غموض واستراتيجية ضغط.المقاومة في غزة،لم تضع الأسرى مجرد عبء بل حولتهم إلى ورقة قوة قادرة على التفاوض وفرض الشروط فعلى مدى عامين لم تتمكن الآلات الاستخبارية والتقنية الإسرائيلية من تحقيق اختراق حقيقي،ولم تثمر محاولات الاسترجاع عبر الاستخبارات أو التسلل أو الضغوط الإعلامية عن أي نتيجة ملموسة واحتفاظها بالأسرى لسنوات دون تسريب معلومة حقيقية يُعدّ بحد ذاته إنجازاً استخباراتياً نادراً هذا الصبر الاستراتيجي الممزوج بتكتيكات إعلامية محكمة جعَل من قضية الأسرى محوراً يضغط على حكومة الاحتلال من الداخل من قبل عائلات الجنود الذين يرونها عاجزة عن تقديم أي إجابات فلا معلومات حقيقية تُسرّب،ولا مؤشرات مطمئنة لهم مما جعل مطالبهم وقواها الإجتماعية عاملاً مضاعفاً لسحب المبادرة من أيدي القادة الإسرائيليين المقاومة بدا لها منذ وقت مبكر أن ملف الأسرى ليس فقط وسيلة لتهديد العدو، بل أملٌ لأسرى فلسطينيين ينتظرون صفقة تحرر تُعيد إليهم الكرامة والحياة.


تاريخياً،تحفظ الذاكرة الفلسطينية صفقة "وفاء الأحرار"(2011م)حيث أُفرج عن أكثر من ألف أسير مقابل جندي واحد. هذا المثال ظلّ حاضراً في حسابات المقاومة:إن ما كان يوماً مطلباً تفاوضياً صار اليوم شرطاً يُفرض بقوة، وللإسرائيليين قراءةً مضاعفة لهذا التحوّل الذي يعيد تشكيل معادلات الردع.كل ورقة تفاوض تُخرجها المقاومة تُحسب لها حساب،وكل أسير لا يعود إلا بثمن تُقرّره المقاومة،لا وسطاء الاحتلال.ونتيجة لهذا التعامل أثبتت المقاومة في القطاع أنها قادرة على إدارة ملف الأسرى من موقع قوّة،وأنها لا تساوم على التفاصيل التي تمنح الاحتلال هروباً من الحساب.الملف لم يُبقَ فقط على مستوى الضغط الخارجي بل أطلق آفاقاً للأمل داخل السجون الإسرائيلية لفئات فلسطينية تتوق إلى صفقة تحرير.وفي المقابل، وجّه هذا الملف صفعة لادعاءات التفوق الأمنية والتقنية الإسرائيلية وعرّى هشاشة الاستراتيجيات التي راهنت على التكنولوجيا والاستخبارات وحدها.