آخر تحديث :السبت-18 أكتوبر 2025-01:26م

حضرموت.. شكرًا للانتقالي لتذكير الحضارم!

الخميس - 16 أكتوبر 2025 - الساعة 03:25 م
عبدالله عمر باوزير

بقلم: عبدالله عمر باوزير
- ارشيف الكاتب


فكّرتُ، وقلّبتُ الأفكار، بل وصفحات تاريخٍ لم تبدأ عام 1972، هناك في مدينة شبام، وما كان خلف سحل علماء حضرموت وقياداتها الفكرية والاجتماعية، بتوجيه وإشراف قادة نظام الجبهة القومية، في تقليدٍ واضحٍ للثورة الثقافية في الصين بقيادة ماو تسي تونغ.

تلت ذلك إعدامات "صيف" عام 1973 لشيوخ وشباب قبيلتي العوابثة وآل باوزير، بالتزامن مع إعدامات أخرى في مختلف مناطق حضرموت، ولم تتوقف عند تلك المجازر، بل تواصلت عمليات الاعتقال والمطاردة لأبناء حضرموت، قبلها وبعدها، حتى صراع الرفاق الدامي عام 1986.


تاريخٌ من المآسي والدماء، تحت شعارات "الصراع الطبقي" و"اجتثاث قوى الرجعية وعملائها"، وكان ميدان التنفيذ هو حضرموت، وحضرموت فقط.

الهدف منها تمزيق مجتمعٍ تكافليٍّ له سماته الثقافية والدينية والمدنية، فضلًا عن علاقاته الدولية الممتدة من جنوب شرق آسيا إلى جنوب شرق أفريقيا - وهو جانب لا تتمتع به مجتمعات الأرياف الجنوبية حتى اليوم، بعد "53 سنة" على تلك الأحداث، التي يذكّرنا بها اليوم المجلس الانتقالي الجنوبي، الأمر الذي يثير مجموعة من التساؤلات، أهمها: لماذا اليوم؟ وما الأهداف من وراء ذلك؟


لا أظنني أرجم بالغيب إذا قلتُ إن عقدة الانتقالي ومن يدعمه هي حضرموت - بتاريخها وجغرافيتها، وكذلك في وعي أهلها الذي تجاوز نتائج وأهداف تلك الأحداث، ليتجسد في هذه الوحدة الاجتماعية الحضرمية.

وذلك بنسبةٍ عاليةٍ من التوافق مع مطالب الحضارم التي تبناها حلف قبائل حضرموت، في هذه اللحظة التاريخية الفارقة، لاستعادة دور حضرموت السياسي والوطني في مستقبل اليمن والجزيرة العربية، من خلال حكمٍ ذاتي يمكّن الحضارم من إدارة ثرواتهم الجغرافية والاجتماعية بمؤسساتٍ إداريةٍ وتنفيذيةٍ وتشريعيةٍ ورقابية، تمثل المجتمع الحضرمي وتخضع لإرادته.


هذا التلاحم المجتمعي هو ما أثار الإخوة الجنوبيين اليوم، بعد فشل تهديدات قائدهم الزبيدي في كلمته الشهيرة في المكلا، والتي انعكست سلبًا على الانتقالي، ودَفعت إيجابيًا نحو وحدة أبناء حضرموت - وإن تخلّف بعض أبنائها من المستفيدين ببعض دراهم الإخوة في الانتقالي، أو من غير القادرين على التحرر من ذلك الماضي الذي يراهن عليه الانتقالي.


تابعتُ كل ما كُتب في وسائل التواصل الاجتماعي عن احتفالية الانتقالي في شبام، ولم أجد - للأسف - في تلك الحوارات والمساحات والكتابات إلا إفراطًا في التسفيه، دون إدراكٍ للمغزى الحقيقي، وهو استهداف وحدة المجتمع الحضرمي من خلال تذكيره بما أُطلق عليه "الصراع الطبقي"، في رهانٍ خاسر على الطبقات المنتجة من مثقفين وعمال وفلاحين، وهو أمرٌ تجاوزه المجتمع.


وعلى حلف قبائل حضرموت أن يدرك أهمية مقتضيات المرحلة، والانتقال إلى مسمى جامع يجسد وحدة وتحالف المجتمع الحضرمي - اليوم، لا غدًا - بعد أن ساندته مختلف الفئات والشرائح المجتمعية.

ومن جهةٍ أخرى، يجب تحرير دور المؤتمر الجامع الحضرمي واستعادة نشاطه، فالدور الباهت الذي يظهر به الآن غير مقبول في معركة حضرموت.


مع الشكر للمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي ذكّرنا ببدايات التآمر على حضرموت، كي نتعظ وندرك أهمية وحدة أبناء حضرموت في هذه المرحلة الفارقة، واستعادة الوعي الجمعي لفرض حضرموت من خلال استثمار الجغرافيا والديموغرافيا لتشكيل مستقبل المنطقة بأسرها.