آخر تحديث :Sun-26 Oct 2025-01:28PM

حرية الكلمة بين مطرقة الانتقالي وسندان الحوثي.. فتحي بن الأزرق نموذجاً..

السبت - 27 سبتمبر 2025 - الساعة 06:17 م
د. هزم أحمد

بقلم: د. هزم أحمد
- ارشيف الكاتب


سويعات قليلة مضت حتى انتشر المقطع الذي تحدث فيه الصحفي المعروف فتحي بن الأزرق عن واقعة اعتقاله من قبل شرطة كابوتا، ثم الإفراج عنه لاحقاً، وهو يروي تفاصيل التجربة بلسانٍ هادئ متألم وواقعي، وكأنه يريد أن يوجه رسالة: "لسنا أعداءً لكم، نحن فقط ننقل الحقيقة".


المثير في القصة أن سبب التوقيف لم يكن سوى "التصاريح"، وهي الذريعة التي تحولت إلى قيدٍ جديدٍ يكمم به أفواه الصحفيين في عدن، سواء باسم باسم "المجلس الانتقالي" حالياً. او غيره كما هو المشهد في صنعاء مع الحوثيين والحقيقة أن كلا الطرفين، بممارساتهما المتشابهة، يثبتان أن الخوف من الكلمة لا يختلف باختلاف الراية التي ترفع فوق المقرات.


فتحي بن الأزرق ليس صحفياً طارئاً أو باحثاً عن شهرة عابرة، بل هو اسمٌ عرفه الناس بكتاباته وتعليقاته الجريئة، وهو من الصحفيين القلائل الذين اختاروا أن يبقوا بين أهلهم وناسهم، رغم أن بإمكانه أن يجد فرصة أفضل وحياة أكرم في أي دولة أخرى. لكنه، مثل كثيرين من الصحفيين الأحرار، ربط مصيره بمصير وطنه، مؤمناً أن مهنته لا معنى لها بعيداً عن تراب بلاده.


إن اعتقال صحفي بسبب رأيه أو ممارسته لعمله لا يُسيء إلى الصحفي بقدر ما يُسيء إلى الجهة التي تقوم بهذا الفعل، لأنه يكشف عن ضيق أفقٍ وخوفٍ من مواجهة الكلمة بالكلمة. فالمجلس الانتقالي، الذي يرفع شعارات الحرية والكرامة، لا ينسجم مع هذه الشعارات حين يتعامل مع الصحافة بهذا الأسلوب الأمني الفج.


اليوم، ونحن نشهد التضييق على الصحافة، لا بد من أن نرفع الصوت تضامناً مع فتحي بن الأزرق، ليس لشخصه فقط، بل دفاعاً عن مبدأ: حرية الكلمة هي خط الدفاع الأول عن المجتمع. وإذا سمحنا بانتهاكها مرة، فإننا نمهد الطريق لتحويل الوطن إلى سجن كبير، لا يملك فيه المواطنون سوى الصمت.


فتحي بن الأزرق لم يكن سوى مرآة عاكسة لوجع الناس وآمالهم. واعتقاله لا يُسقط مكانته، بل يزيد من رصيده في قلوب من يدركون أن الصحافة الحرة هي آخر ما تبقى لنا في هذا البلد من هواءٍ نقي.