آخر تحديث :الأحد-26 أكتوبر 2025-01:20م

ثورة 26 سبتمبر: ميلاد الجمهورية وروح اليمن

الإثنين - 22 سبتمبر 2025 - الساعة 01:56 م
د. هزم أحمد

بقلم: د. هزم أحمد
- ارشيف الكاتب


ليست ثورة 26 سبتمبر 1962 حدثًا عابرًا في تاريخ اليمن، بل هي نقطة تحوّل كبرى، فصلت بين زمنين: زمن الظلام والعزلة، وزمن النور والطموح. فمنذ أن انطلقت شرارتها في صنعاء بقيادة الضباط الأحرار، ارتبطت في الوجدان اليمني بالكرامة والتحرر، وبالانتقال من حكم الإمامة إلى آفاق الدولة الحديثة.


لقد جاءت الثورة استجابة لصوت الشعب، وتعبيرًا عن توق طويل للخروج من "سجن القرون الوسطى" الذي مثّله نظام الإمامة. كان اليمن قبل سبتمبر يعيش عزلة خانقة، محكومًا بالجهل والفقر والمرض، حتى وُصف بأنه "المتحف المغلق" و"المقبرة الكبرى". وكان قدر هذه الأمة أن تنفجر ثورتها من قلب المعاناة، لتفتح الأبواب على الحرية والعصر.


أبعاد الثورة


البعد الوطني: سبتمبر لم يكن مجرد انقلاب عسكري، بل مشروع وطني حمل أحلام أمة بأكملها. فقد استلهم ضباطه من نضال الثوار العرب، ومن إرث ثورتي 23 يوليو في مصر، و14 أكتوبر لاحقًا في جنوب اليمن.


البعد الفكري: الثورة لم تُسقط حاكمًا فقط، بل أسقطت ذهنية "الحق الإلهي في الحكم"، لتؤسس لمفهوم المواطنة والمساواة، وتجعل من الشعب مصدر الشرعية.


البعد الاجتماعي: انطلقت برامج التعليم والصحة وبناء الدولة، وفتحت اليمن على العالم بعد قرون من العزلة.


ثورة مستمرة


لم تكن ثورة سبتمبر حدثًا ينتهي عند لحظة الانتصار العسكري على النظام الإمامي، بل هي مسيرة طويلة من التضحيات. فدماء الثوار الذين سقطوا في حصار السبعين، وصمود الشعب في وجه المؤامرات الداخلية والخارجية، جسدت أن الثورة أكبر من الأشخاص، وأعمق من ظرف تاريخي محدود.


سبتمبر في الوعي الجمعي


اليوم، وبعد أكثر من ستة عقود، ما زالت ثورة 26 سبتمبر حاضرة في الذاكرة الجمعية لليمنيين، رغم ما مرّوا به من انتكاسات وانقسامات وحروب. فهي بالنسبة لهم "البوصلة الوطنية"، و"الرمز الجامع" الذي يوحّد شمال اليمن وجنوبه، ويذكّرهم بأن الحرية لا تُمنح بل تُنتزع.


ثورة سبتمبر ليست ذكرى تاريخية جامدة، بل هي فعل متجدد، ورسالة للأجيال أن طريق التحرر طويل لكنه حتمي. ومن يقرأ صفحاتها يدرك أن روح سبتمبر لم تمت، وأن جذوتها ستبقى متقدة في ضمير اليمنيين حتى يتحقق حلم الدولة المدنية العادلة.