آخر تحديث :الجمعة-19 سبتمبر 2025-04:18ص

التربية والتزوير في مودية.

الأحد - 07 سبتمبر 2025 - الساعة 08:57 م
عبدالعزيز علي باحشوان

بقلم: عبدالعزيز علي باحشوان
- ارشيف الكاتب


تلقيت اتصالاً هاتفياً من إدارة ثانوية جواس من الأسبوع الماضي بطلب رسمي من السلطة المحلية لحضور اجتماعاً موسعاً يضم الهيئة الإدارية ومكتب التربية لمناقشة معضلة الطلاب الراسبين للعام المنصرم.

نحن في ثانوية جواس أنهينا العام الدراسي حضورا وانضباطاً غير آبهين بإضراب البعض أو الإضطرابات التي لازمت المرحلة، وكان لنا الحق في رفع كشوفات الدرجات النهائية، وليس لي علاقة كمعلم بالنتائج النهائية للطلاب إطلاقاً، لكن بعد فشل إدارة ثانوية جواس في الحزم والعزم حول اتخاذ القرار النهائي بخصوص الطلاب الراسبين، فقد أسند الأمر إلى بعض الأساتذة المتصفين بالنزاهة والأمانة وكان لي شرف الحضور.


ترأس الاجتماع المدير العام وبحضور الأمين العام للمجلس المحلي في نقاش أعطى جميع المشاركين المساحة في القضية الجدلية من قبل أولياء الأمور، لإيضاح الصورة وطرح الآراء بغية الوصول لنتائج مرضية وعادلة. وقد حرصت السلطة المحلية في نقاشها على إيجاد حلول لكمية الرسوب المتزايدة للطلاب.


قضي الأمر! وطويت الكشوفات وارتفعت الأقلام لتلك القضية من قبل المدير العام بإبقاء الطلاب الراسبين في نفس الوضعية، كون الأمانة أعظم الأخلاق السلوكية التي أشفقت السماوات والأرضين من حملها مع شدتها وعظيم خلقها، وحملها الإنسان مع قلة حيلته ظالماً لنفسه جاهلاً بحقيقة ما حمل.


"عبارة أرعبتني في أول يوم دراسي".

"إيرضيك يا أستاذ عبدالعزيز أن أكون من الطلاب الراسبين بينما أصحاب المستويات المتدنية والمنقطعين من الناجحين الصاعدين".!!؟

هزت كياني وأرعبتني ولخبطت مشاعري وأثارت الخوف والشفقة في نفسي عبارة ذلك الطالب المرتجف اليدين المتلعثم اللسان والدامعة عيناه، فغادرت المدرسة على غير موعدي يتملكني الأسى والحزن والألم من أن الظلم ربما قد وقع على ذلك الطالب إذا ما قورن بزملاءه الطلاب.

بعض المعلمين في المديرية تدفعهم نشوات غير واعية وعاطفية على نهج خالتي وبنت خالتي، حيث مررت اليوم بالقسم العلمي فوجدت طلاباً لا يوجد أمل في نجاحهم ولو كُتبت لهم الإجابات على السبورة.


إن تلك المآسي ليست في معلم بعينة أو مدرسة بحد ذاتها فقد سادت الثقافات الفاسدة التي تسللت عبر التعليم في مراحل السنوات الماضية وحلت في عقول البعض كما تحل الفيروسات الخبيثة في الجسد السليم.

انتشرت ظاهرة الغش والتزوير بكل أشكالها وأحوالها الشنيعة والقبيحة والذميمة، وتراكمت قضايا الفساد التربوية نتيجة المحسوبية والوساطة.


فقد ضرب المشهد على وتر حساس وكان لا بد من الكتابة و الإفصاح بدواعي إنسانية ووطنية؛ لذلك استذكر بعض المواقف المؤلمة من السنوات الماضية كون المقام لا يتسع..

نجد طلاب راسبين في 9 مواد من الفصل الأول غير أن آباءهم معلمين بنفس المدرسة ومن دعاة الدين ورجالات المنابر لكن قرأت مؤخراً في شهادات أولادهم ناجح ومزيداً من التقدم والنجاح وينتقل إلى الصف الثاني الثانوي. ومعلما آخر متديناً ومن ذوي اللحى عوضاً أن يقوم بشرح وتسهيل مادته ألا أنه فضل الشرح للطلاب عن ما هو الفرق بين حزب الإصلاح والسلفيين؟. هرم تربوي يقوم بالتزوير والتمكين لوظائف تربوية لأولاده وأقربائه في السلك العسكري وعلى نهج أولى القرباء من ذوي القربى.


يشهد الله أن هناك معلمون محافظون على القيم لم تهتز مبادئهم طيلة سنوات عملهم، ونحن في كل عام لا ندري بالحصيلة النهائية للطلاب أنما مع بداية كل عام دراسي نرى الوجوه الصاعدة ونعرف من خلالها إذا كان هناك تلاعباً في النتائج أوتمييزاً نوعياً بين الطلاب ولأجل ذلك كتبت براءة للذمة.


إضاءة.

المعلمون الصارمون في التعامل مع الطلاب تحت بند العدالة والمساواة يعاملون من قبل السلطة والمجتمع كشريحة منبوذة ومغيبة، بينما الفاسدون والمفسدون أكثر قبولاً وارتياحاً في المجتمع..