آخر تحديث :الثلاثاء-09 سبتمبر 2025-05:51م

المعلم ركيزة الأمل في عام دراسي جديد

الأحد - 31 أغسطس 2025 - الساعة 08:33 ص
عبدالناصر صالح ثابت

بقلم: عبدالناصر صالح ثابت
- ارشيف الكاتب


يطلّ العام الدراسي الجديد، فتُفتح معه المدارس ونوافذ الأمل معًا. عامٌ يبدأ محمّلًا بالتحديات، لكنه يعتمد على رسالة المعلم الذي

يصنع الفارق ويزرع في عقول أبنائنا بذور الحلم والنهضة.

في هذا الصباح المشرق تتجدد الهمم وتستعاد الأرواح المتطلعة إلى صناعة مستقبل أفضل. نستقبل العام الدراسي الجديد بقدر

كبير من التفاؤل، مستبشرين بالتحسنات الأخيرة التي طالت بعض جوانب الحياة، من استقرار نسبي للعملة والأسعار، إلى بروز

مؤشرات أمل في واقع أثقلته التحديات لسنوات طويلة.

لكن يبقى السؤال الأهم: هل ينعكس هذا التحسن على العملية التعليمية؟ فالتعليم ليس مجرد مرفق خدمي كبقية الخدمات، بل هو

حجر الأساس لأي نهضة حقيقية، والسبيل الوحيد لبناء وطن قادر على المنافسة في زمن لا يعترف إلا بالعلم والمعرفة.

إلى كل معلم، أنتم لستم مجرد ناقلين للمعلومة، بل أنتم صناع الأجيال وحملة مشاعل التنوير. مهنة التعليم من أنبل المهن،

والإحسان فيها من الإيمان، لأنها تسهم في بناء الإنسان قبل أي شيء آخر. ومع بداية هذا العام، أنتم أمام تحديات صعبة ومركبة:

تأخر في الرواتب، غلاء معيشي خانق، نقص في الإمكانيات، مدارس غير مهيأة، خصوصًا بعد تأثر عدن بالأمطار الغزيرة

مؤخرًا، بالإضافة إلى الضغط المتزايد من الأسر والمجتمع، وإيقاع متسارع في أدوات وأساليب التعليم الحديثة. أنتم جزء من

مجتمع يئنّ تحت هذه الأعباء، ومعاناتكم ليست خافية على أحد.

ومع ذلك، يعلمنا التاريخ أن النهضات الكبرى وُلدت في أجواء صعبة، وأن بذور التغيير الحقيقي زرعها معلمون آمنوا برسالتهم

أكثر مما استسلموا للصعاب. التعليم لم يكن يومًا مجرد وظيفة، بل رسالة سامية ومسؤولية وطنية.

ندرك أن مطالبكم محقة وجوهرية، وأن صوتكم عبر الإضراب قد أوصل رسالته بوضوح إلى الجميع، لكننا نتطلع إلى أن يكون

العام الدراسي الجديد مساحة للتفكير العميق في توازن المصالح، لأن استمرار تعطل العملية التعليمية لن يزيد سوى من معاناة

أبنائنا وأهلنا، وهم من سيدفع الثمن الأكبر.

نحن على يقين أن كوكبة المعلمين التي عاصرتها الظروف تدرك هذا الواجب المقدس، وأن عند الله لا يضيع أجر المحسنين. إن

دوركم التعليمي والتربوي في ظل هذه الأوضاع سيُحفر في ذاكرة المجتمع، ولن يُنسى أبدًا. أنتم الأمل الأكبر في هذه المعركة

التي لا تقل شأنًا عن معارك الاقتصاد والسياسة، والجميع يقدر تضحياتكم وصبركم وجهودكم.

فلنجعل من هذا العام نقطة تحول، نمنح فيها أبناءنا المعرفة والأمل معًا، ونفتح أمامهم أبواب المستقبل من داخل الفصول، ونصنع

لهم جسورًا نحو عالم أوسع. إن رهاننا الأكبر يظل معقودًا على المعلم، لأنه القادر على أن يحوّل كل يوم دراسي إلى بداية جديدة

للحلم والإنجاز.

بوركت جهود كل مخلص وشريف من التربويين والإداريين الذين يخططون ويساعدون على توصيل رسالة العلم. وبالمقابل،

ندعو الحكومة إلى حلحلة الأوضاع والاستجابة لمطالب المعلمين المشروعة، كما ندعو المجتمع كله إلى التعاون مع المعلمين،

دعمًا وتشجيعًا، حتى تمضي العملية التعليمية إلى الأمام.

وفي الختام، نأمل أن تتحسن أوضاع المعلمين والمدارس، وأن تعود الحياة الطبيعية إلى الفصول، وعلى جميع الجهات المسؤولة

عن التعليم بذل الجهود اللازمة لضمان نجاح هذا العام الدراسي وتحقيق مستقبل أفضل لأبنائنا.