الشعب هو مصدر السلطات، هكذا قال المفكرون، لكن الحكمة ليست على إطلاقها.
فالشعوب الحية هي التي تصنع السلطات التي تحمي الوطن، وتعمل على نهضته وتطوره وازدهاره.
أما الشعوب المسيرة التي تمجد الأشخاص وتُصنع منهم أصنامًا تُعبد من دون الله، فهي ليست مصدر السلطات، بل مصدر التبعية والخنوع والدعم غير المبرر.
وللأسف، ثبت بما لا يدع مجالًا للشك أن الشعب اليمني، شماله وجنوبه، هو مصدر صناعة الأصنام البشرية. وأقرب مثال على ذلك المظاهرات التي خرجت في صنعاء عام 2011 لدعم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، والمظاهرات التي خرجت في عدن لتفويض المجلس الانتقالي، أو بالأحرى، تفويض عيدروس الزبيدي لقيادة شعب نحو الاستقلال، رغم توفر كل أسباب ذلك، إلا أن النتيجة كانت معروفة سلفًا.
وفي الوقت الراهن، نرى مظاهرات تُطالب بعودة أبو مشعل الكازمي لقيادة أمن أبين، واستجابة لمطالبهم. نحن لا نعارض أبو مشعل أو غيره من المسؤولين إذا سلكوا طريق الخير للوطن، لكننا نرفض شخصنة الأمور، وافراغ القرار السيادي من محتواه، وتغييب القانون، مما يؤدي إلى الفوضى والدمار.
يا قوم، ما هكذا تُعالج الأمور، برمي النظام والقانون عرض الحائط، واستخدام النفوذ بكل أنواعه لإخراج الشارع للمطالبة بترتيب الوضع الإداري للدولة.
ذلك هدم للدولة والنظام، واستبداله بالفوضى وازدواجية المواقف.
الأصل أن تترك قضية التعيينات والتغييرات لقيادة الدولة، فهي الجهة المختصة بذلك، وليس للمتظاهرين.
الاصل في المظاهرات أن تخرج للمطالبة بالحقوق والحريات، وليس للشخصنة والتمجيد، لأنها تضر بالشعب والوطن، وأول المتضررين منها هم من يطالبون بتثبيت القيادات في مناصبها بعيدًا عن التداول السلمي للسلطة.
فكرسي السلطة ليس حكرًا على أشخاص دون غيرهم، والبلد مليء بالكفاءات. فلنترك هذا الأسلوب المسموم، ولنكن شعبًا حيًا يدافع عن مصلحته العامة، لا عن أشخاص بعينهم.
من وجهة نظرنا، فإن العميد أبو مشعل الكازمي يملك من الكاريزما والمرونة والقدرة على امتصاص الغضب الكثير، كما أعرفه شخصيًا في أيام شقرة، وهو أقرب إلي من غيره بحكم الجوار والمعرفة.
لكن، كل ذلك لا يمنعه من التغيير إذا تطلبت المصلحة العامة ذلك، وقد يُرتب وضعه في مكان أفضل.
نحن ضد التجييش غير المبرر، بعيدًا عن القيادة والسيادة.
أتمنى أن يفهم الجميع قصدي بشكل صحيح، والله من وراء القصد.