السادة في فرع نادي القضاة الجنوبي بالعاصمة عدن،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
إن القضاء رسالة سامية، وتكليفٌ إلهيٌ قبل أن يكون تشريفاً دنيوياً، وقد جعله الله حصناً للعدل، وملاذاً للمظلوم، وسداً منيعاً ضد الظلم والفساد. فهل يُعقل أن يُصبح هذا الحصن نفسه أداةً لتعطيل العدالة، وشلّ حركة المحاكم، وإغلاق أبواب الحقوق أمام المواطنين؟!
لقد علم التاريخ البشري أن القضاء هو آخر ما يُعطّل في أحلك الظروف، لأنه الضامن الوحيد لحقوق الناس وحرياتهم. فكيف يُسوغ لنا اليوم أن نكون أول من يغلق أبواب العدالة، ويُعلّق أحكام القضاء، ويُرهن مصالح الناس بصراعاتنا الداخلية؟!
نحن ندرك أن لكم مطالبَ مشروعة، ولكنكم – أيها السادة القضاة – خيرُ من يعلم أن الحقوق لا تُستردُّ بالإضراب، بل بالحكمة، وبالقانون، وبالوسائل المشروعة التي كرّستموا حياتكم لتحموها. فهل يُعقل أن تُغلقوا أبواب المحاكم، وتتركوا المواطن يتخبط في ظلام الظلم، بحجة المطالبة بحقوقكم؟! أين مسؤوليتكم تجاه من لجأ إليكم طالباً العدالة؟!
إن سلطة القضاء سلطة حيادية، لا تُمالئ أحداً، ولا تنحاز لطرف، فكيف أصبحتم – للأسف – طرفاً في صراعٍ يزيد من تمزق الثقة بين الشعب ومؤسساته؟! لقد تجاوز الخلاف بينكم وبين مجلس القضاء كلَّ حدود المعقول، حتى بدأ المواطن العادي يتساءل: أين القضاء المستقل؟ وأين الحياد؟ وأين حكمة القضاة؟!
والأمر الأكثر إيلاماً أن يتوسع نطاق الخلاف ليشمل تحدياً صريحاً لقرارات المجلس التنفيذي لنادي القضاة الجنوبيين، وكأننا أمام معركة كراسي وليست معركة عدالة. فأي حالٍ وصلنا إليه؟! اللهم إنه أمرٌ مؤسفٌ حقاً.
لذلك، نناشدكم باسم العدالة، وباسم المسؤولية التاريخية للقضاء، أن تعيدوا النظر في هذا المسلك، وأن تفتحوا أبواب المحاكم، وتُعيدوا الثقة للمواطن، وتعالجوا خلافاتكم بالحوار القانوني الهادئ، لا بالإضراب والتحدي. فالقضاء ليس أداة صراع، بل هو حَكَمٌ بين المتنازعين، فكيف يكون حَكَماً إذا أصبح طرفاً في النزاع؟!
والله من وراء القصد، وهو يهدي السبيل.
*والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.*
✍🏻: فهمي عبدربه المحامي