آخر تحديث :الأربعاء-03 سبتمبر 2025-03:35ص

بين فاشل و مجرم و صرّاف .. هكذا تاه الجنوب

الأحد - 03 أغسطس 2025 - الساعة 06:07 م
انسام عبدالله

بقلم: انسام عبدالله
- ارشيف الكاتب


تقف المسلّات التاريخية الباقية في الشواهد الأثرية الجنوبية شامخة إلى يومنا هذا متوسطة بقايا سوق أو مدينة كانت تضج بالحياة والمَدَنيّة، صادحة بالقوانين المنقوشة على جنباتها طولا وعرضا ..لا يجرؤ أحد على تجاوزها ..فهي النظام الماثل أمام الجميع والحافظ للحقوق والواجبات .. بهذه المبادئ والثوابت بُنيت تلك الحضارة وسادت .. ( و عمروها أكثر مما عمروها ) .


و بقفزة خاطفة توصلنا إلى واقع الجنوب اليوم لنبحث عن مسلّة ما تحفظ ما حفظته سابقاتها.. لا نجد سوى سور حديدي من نحاس و نار يحيط بالجنوب صنعه ثلاثة لا يمتون له بأي صلة .. ثالوث المأساة المستمرة منذ آخر عشر سنين في تاريخ الجنوب العصيب .." فاشل ، و مجرم ، و صرّاف " ..


نحن بصدد هذه اللحظة إذا ..


١- "فاشل" ..لم يستطع طيلة "العشر" بناء "اقتصاد ظل" موازي لإقتصاد الدولة السابقة ! ..يحتاجه الآن في هذه اللحظة الفارقة لإحتواء غضب الناس ومواءمة أسعار السلع الإستهلاكية المستوردة عموما ..


لكن ماذا صنع الفاشل بالمقابل ..لم يبنِ سوى "كبائن" لرفاهية مزعومة وسط شعب جائع ، وعزيز في نفس الوقت..فهو لا يذهب إلى هذه المولات وتلك المتنفسات صفر اليدين !


و استولى هذا الفاشل على ما تبقى من هيكل دولة كانت باقية فأرادها ملكية خاصّة ..


٢- "مجرم" ..استغل الفاشل أيّما استغلال ..ونهب مقدّرات و خيرات بل حتى مّدخرات شعب الجنوب البسيط ..والمعونات أيضا ..والودائع ..والعملة الصعبة ..وفارق العملة الصعبة ..و كل شيء لصالحه ..ساعده ويساعده حالة التيه التي غرق فيها شعب الجنوب و كأن التاريخ قد توقّف هنا بل واستدار إلى الخلف راجعا ..


٣- "صرّاف" ..قدّمه كلا من الفاشل والمجرم "كقاتل" محترف ..و كلصّ "عينه قويّة" ..يضرب ويسرق وينهب ويستولي بغطاء من الفاشل المدجج بسلاح "المليشيا" ..وبهندسة "الخبير " المجرم "المتمرّس" في فنون إخضاع الجنوب أبا عن جد !


أطلّ علينا الصرافون في بداية "أزمة الوطن الأخلاقية" التي كانوا سببا فيها ..أطلّ بلحيته المنمّقة ومسبحته المشعّة..من خلف غطاء زجاجي يحجبه عن الآف الموظفين.. حين أمر الفاشل بتحويل رواتبهم إليه وفي وسط بحبوحة "التكييف" الذي لا يعرفه أولئك اللاهثون احتراقا..فهو المتصدق والمتفضل ..والمسبّح بحمد النعم ..و أظنهُ يعتقد جازما بأن الحور العين ينتظرنه عند أبواب الجنان مثل سيدنا عمر ..!


صرّاف..احتاج لبعض آلآف من الريالات السعودي ..فعمد إلى خفض سعر الصرف النقدي الأجنبي مقارنة بالريال "القعيطي" حتى يلم كل العملة الصعبة من مدخرات الجنوبيين ويشحنها آليا إلى الخارج ..يساعده في ذلك ..مجلس الثمانية وبعض القادة ..والكثير الكثير من المرتزقة ..الذين هان عليهم الجنوب فباعوه بأرخص الأثمان وكانوا فيه من الزاهدين ..


هذا الصرّاف أمثاله في الصين "يُعدمون" جزاءا ..إذا مالاحَ اسم أحدهم في خانة الفاسدين ! ما بالنا بمن خانوا الله والوطن والجنوب ..و خانوا أماناتهم ..


انبرى هذا الصرّاف في مواجهة حتمية أمام موظف خائر القوى لم يتحصل على راتبه المحجوب منذ شهرين متتاليين في ظل ارتفاع أسعار لم يسبق له مثيل ..وحين حاول هذا الموظف أن يتكيف مع تغير الحال وتبدله ..وأرسل فلذة كبده إلى جبهة القتال كي يحصل على ألف سعودي ! يطعم به باقي أبناءه ..كان للصرّاف كلمة أخرى ..فقد أعلن الحرب بخفض الصرف فلا يعد لديّة ابن الموظف ذاك الثمن ..فالأسعار كما هي ! وكبار اقتصاديو السوق من أرباب الدولة السابقة لهم كلمة قد قالوها ..وتبعهم من تبعهم من باقي التجار والمرابين والمطففين "بفداحة" ..


إذن ..تاه الجنوب ..ولا مناص من إعلانها مدوية على الجميع ..لا صوت يعلو فوق صوت الجوع ! يكفي إلى هنا..فالمؤامرة أكبر مما نتخيل ..والفاشل والمجرم والصرّاف قرروا قتلنا وفتح الجنوب كمقبرة جماعية بكلمة واحدة ليست سواء ..


هذا الجنوب ..وهذه المؤامرة ..و هؤلاء الثلاثة "غرماؤنا" ..فانظر ماذا ترى ياشعبنا فلك الكلمة الفصل ! ..