آخر تحديث :الجمعة-28 نوفمبر 2025-04:50م

حينما يرحل الوطن على هيئة شخص

الأحد - 03 أغسطس 2025 - الساعة 05:55 م
حمامة الصنوي

بقلم: حمامة الصنوي
- ارشيف الكاتب


ثمة رحيل لا يشبه سواه، رحيل يخطف الأنفاس من صدورنا ويتركنا معلقين بين الذهول والوجع... هكذا كان رحيلك يا رفيق الشرعبي لم تكن مجرد إنسان عابر في حياتنا، بل كنت وطنًا مصغرًا، تمشي بيننا بكل ما تحمله هذه الكلمة من صدق، ومن انتماء، ومن دفء.


رفيق الشرعبي، لم يكن مجرد أخ بالنسبة لي، بل كان الظهر الذي لا ينكسر، والسند الذي لا يتخلى كان ذلك الرجل الذي إذا تحدث عن الوطن، شعرت أن التراب نفسه ينصت بخشوع، وأن الجبال تزداد ثباتًا بما يزرعه من يقين.


كان لا يعرف المجاملة في وطنيته، بل عاشها كما تُعاش القيم النبيلة: بإخلاص، وبصمت، وبقلب مليء بالإيمان بأن الوطن ليس مجرد حدود، بل أهل وكرامة وصدق وانتماء.


رحيله المفاجئ في حادث مروري لم يكن مجرد خسارة لعائلته وأصدقائه، بل خسارة لكل من عرف معنى الوفاء من خلاله. فقد كان رفيق، رحمه الله، مثالًا للرجل الحرّ، الذي لا يساوم على مبادئه، ولا يتراجع أمام الظلم، ولا يخذل من لجأ إليه يومًا كان صوت الضعفاء، ويد العون التي تمتد دون تردد.


حين أفكر به اليوم، لا أتذكر فقط الملامح والضحكات والمواقف، بل أتذكر تلك الروح التي كانت تملأ المكان حبًا ودفئًا، تلك الروح التي حين رحلت، شعرت أن الوطن نفسه قد انكسر، أن جزءًا من ترابه قد انطفأ.


لم يكن رفيق يحمل علمًا فوق كتفيه، لكنه كان راية في ذاته. كان رجلاً يشبه الأرض في صلابتها، ويشبه الغيم في عطائه والآن، وقد غادرنا، لم يترك خلفه فراغًا فقط، بل إرثًا من الوفاء والصدق والرجولة، سيظل شاهدًا عليه ما حيينا.


سلام عليك أيها الرفيق في الحياة والرحيل سلام على روحك الطاهرة، وعلى ذكراك التي لن تذبل في قلوبنا أبدًا.


رحمك الله يا رفيق، وجعل مثواك الجنة...