في الجنوب الشرقي من شبوة، حيث البحر والغاز والسكوت القاتل، ترقد بالحاف كجوهرة مطمورة في رمال الإهمال السياسي. ميناء بالحاف، منشأة تصدير الغاز الطبيعي المسال، ليس مجرد مرفق اقتصادي، بل بوابة سيادة وطنية لو أُحسن استغلالها. لكن للأسف، هذه الجوهرة تُدار بعقلية "المركز"، وتُستخدم كحصالة أرباح لسلطة محلية لا ترى في ميفعة ورضوم والروضة وحبان أكثر من أطراف مهمّشة تابعة لمركز القرار في عتق.
فكرة "محافظة بالحاف" ليست خيالاً بل رد فعل مشروع على واقع لا يُطاق وهي ليست مجرد مطالبة إدارية، بل صرخة تصحيح تاريخي: لماذا يُسمح لمديريات الجنوب الشرقي من شبوة، التي كانت نواة سلطنة الواحدي، أن تظل في هامش التنمية والقرار رغم ثقلها الاقتصادي والجغرافي؟
الجواب ببساطة: لأن المركز في عتق لم يكن يوماً معنياً بعدالة التوزيع، بل بإدامة الهيمنة.
فعندما نطالب اليوم بتحويل هذا الامتداد الساحلي الغني (من ميناء بالحاف وعرقة إلى رضوم و الروضة، مروراً بميفعة وحبان) إلى محافظة مستقلة، فنحن لا نخترع وطناً، بل نُعيد للوطن اتزانه.
أين البنية التحتية؟ أين حصة السكان من عائدات الغاز؟ أين الميناء الذي يُفترض أن يكون رئة اقتصادية للجنوب؟ لماذا لا نجد أي ملامح لمدينة حديثة أو خدمات لائقة أو سلطة تمثل سكان المنطقة فعلياً؟
لأن عائدات بالحاف كانت تُصرف في صنعاء وعتق، ، وقلّما تعود على أهل الساحل بخير.
قد يقول البعض إن المطالبة بمحافظة جديدة "تشق الصف الجنوبي" أو "تضعف شبوة"، ونرد بوضوح:
لا نريد شبوة بحدود صنعها موظف في عهد اليمننة، نريد شبوة الجنوب الحقيقية بشراكة واقعية وعدالة إدارية، أو فليُفتح باب التفكيك الذكي.
المحافظة المقترحة – ولنسمها "محافظة بالحاف" أو "محافظة الساحل الشرقي" – ليست ضد شبوة، بل ضد استفراد عتق بقرار لا يمثل الكل. هي إعادة تعريف للوحدة على أساس الحقوق لا الولاءات.
فلنفتح هذا النقاش علناً:
هل يحق لمديريات تمتلك الثروات والبُعد الجغرافي والثقل التاريخي أن تطالب بمحافظة مستقلة؟
أم أن البعض يفضّل بقاء الوضع كما هو ليستمر المركز في قطف الثمار بينما تعيش الأطراف على الوعود؟
خاتمة:
إذا أردنا جنوباً عادلاً، فلتكن البداية من كسر مركزية عتق.
بالحاف ليست مجرد ميناء… بل مشروع محافظة مسلوبة.