آخر تحديث :الأربعاء-03 سبتمبر 2025-03:35ص

موسم البلدة الثالث .. تدللي "يابروم"`

الثلاثاء - 15 يوليو 2025 - الساعة 07:58 م
حسن البهيشي

بقلم: حسن البهيشي
- ارشيف الكاتب


تدللي يا " بروم " فها هي نسمات وعليل فجر الخامس عشر من يوليو تخيم على شاطئك الجميل.. وهاهي برودة مياه بحرك الرائع ، وزخات أمواجه تضفي على ربوعك جوا من الاستمتاع والمرح والإنتعاش .. وها هي الجموع تتدفق من بين الأزقة والطرقات ومن كل الأنحاء والإتجاهات تجرهم خطاهم وتهرول بهم أقدامهم مسرعة نحو الشاطئ .. وكأنها تلبي هتافا نفسيا عميقا في الوجدان بينها وبين البحر لا سبيل لمقاومته .. لتلقي تلك الأجساد بثقلة الصيف ، وحرارة وسخونة أجوائه .. في مياه ألمحيط .. الذي يغمرها ببرودة مياهه و يحتويها بين ثنايا أمواجه - لتنعم بالإغتسال والإستمتاع والمرح والفرح ، و ببرودة ولطف الأجواء ، وروعة المناخ .


ولما لا يكون الدلال شأنك وقد امتزج على محياك جمال المنظر البديع بروعة الطقس و المناخ ليشكل لوحة جمالية متكاملة حوت البحر وجماله وزرقته .. و سماه الصافية .. وشاطئه ورماله ، ونوارسه .. وأجواؤه الرائعة .


أليس حرى بمدينة حظيت بمزايا وخصائص طبيعية جعلت منها درة تتلألأ .. وجوهرة تتوهج .. أن تتدلل ، وأن تتجمل على مدى ثلاثة عشر يوما من كل عام و أن تستمتع بالخصائص والمزايا والعطايا الربانية التي وهبها إياها الخالق المنعم المتفضل .


إن الرابطة الوثيقة التي تربط ساكني بروم بالبحر أكبر وأعمق بكثير من أن نحيط بكل جوانبها و تفاصيلها .. وحينما نختزل هذه العلاقة الحميمة ونقتصر في مدلولها على مصدر الرزق فحسب _ نكون قد أسأنا فهم طبيعة هذه العلاقة» فالبحر لمدينة بروم هو .. الهوية والذات ، وهو التاريخ .. وهو الماضي ، والحاضر ، وهو الشريان و هو الحياة .


ويبدو أن هناك لغة تواصل مشتركة قد إصطلحا عليها الأهالي و البحر _ لغة لا تدركها الحواس .. إنما تدركها المشاعر والوجدان .. لغة لا يدركها ساكن الجبل ، ولايفهم إيحاءاتها قاطن الصحراء .. وإلا فما سر هذه الروحة والجية ، واختلاف الأقدام و والخطوات و ترددها ذهابا وإيابا ، بكرة وعشيا ، لتقضي تلك الجموع أوقاتا وساعات أمام البحر حتى دنو المغيب _ إن لم يكن هناك شعور بالإستئناس و الألفة تجذبهم نحو الشاطئ .. إن لم يكن هناك رابطة وجدانية وثيقة تدفعهم دفعا إلى البحر .. إن لم تكن هناك لغة تفاهم وتواصل تلتقطها مجسات خاصة بالقلوب والمشاعر .


لم يكن الإحتفاء بموسم نجم البلدة وتقديم تلك اللوحات الفنية الرائعة المتعددة ، والمتنوعة من فلكور شعبي ، و موروث بحري وحضاري على شاطئ البلاد .. إلا تجسيدا لتلك العلاقة الوطيدة الضاربة في أعماق التاريخ .. وتعبيرا عن بواعث الوفاء الذي تكنه مشاعرهم تجاه البحر الذي وهبهم إياه وسخره لهم خالقهم ورازقهم .. وهي هبة ومنحة ربانية لا تقدر بثمن منحتهم الكثير و الكثير .. وتعد أحد أهم و أبرز ركائز الحياة في مدينتهم .


وما تلك المشاهد الصباحية التي يزخر بها الشاطئ وتزين جنباته .. من إبتاهاجات و تفاعالات موحية .. ومظاهر إحتفالية معبرة .. إلا تأكيدا على قيمة الحدث و رمزيته ، ومدى أهميته في قلوب تلك الجموع التي يكتظ بها الشاطئ .


تدللي يا " بروم " وليشهد العالم بأسره دلالك وجمالك .. فقد زالت ليالي بعادك .. ودنت ليالي وصالك .. وباتت تجوب الآفاق صور شواطئك ورمالك .. وصور معالمك وجبالك .. وليشهد العالم بأسره عرسك الجميل وكرنفالك .. ولتكن تلك المشاهد الخلابة دعوة للسياحة لمن أراد السياحة .. ورواجا استثماريا لمن أراد الإستثمار في ربوع بلادك .


هذه هي بروم وهذه أجواء الموسم ، وهذه العطايا الربانية فيها .. فالعبارات ، والجمل وحدها قد لا ترتقي إلى المستوى المنشود لنقل هذه الأجواء الفرائحية .. والأحرف والكلمات لا تملك أن تصف حقيقة الزخم الذي يكتنف الشاطئ .. ونحن هنا نعترف بمدى تقصيرنا و قلة حيلتنا في صياغة النصوص والفقرات لنقل المشهد والحدث كما يجب .. ويدرك جيدا حدود الطاقة وصعوبة المهمة من يعملون في حقل الكتابة ، و ميدان التعبير .. و يزاولون المهنة .


لكن حسبنا أننا وبحسب إمكانياتنا المتواضعة جدا ، أننا نحاول قدر المستطاع تقريب الصورة فقط إلى ذهن القارئ الكريم عبر هذه الأسطر .


أما من أراد أن تكتمل لديه الصورة بجمال المنظر ، وروعة المشهد ويلامس الواقع ويعيش الحدث .. فما عليه إلا أن يحث الخطى نحو الشاطئ ليرى بأم عينيه أن مدينة بروم ليست فقط واحدة من أهم مدن الساحل الحضرمي الذي حباه الله بنعمة موسم نجم البلدة .. وإنما إضافة إلى ذلك هي .. عروسة الموسم ، وزهرة ربيعة ، و عقده الفريد .