في حديث للذكريات مع جدتي المعمرة التي عاشت منذ بداية القرن الماضي وامد الله بعمرها لتدرك واقع عدن اليوم مع ما وهبها الله من ذاكرة وصحة رغم السنين الطوال التي انطوت من حياتها.
جدتي قبول التي قدمت إلى عدن وسكنت مناطق عدة في عدن حتى استقر بها الحال في الشيخ عثمان تروي لي في مقارنة بين الأمس واليوم أن دخول الكهرباء إلى أحياء عدن كان تدريجي بدأ بالأحياء التي يسكنها جنود الإحتلال البريطاني وموظفيها والمرافق الحيوية التي تخدم مصالحها في حجيف والتواهي والبريقة لكن ما لبثت أن سمحت بدخول الكهرباء إلى كل الأحياء وهكذا بعد الأستقلال دخلت الكهرباء كل المدن والمديريات حتى أطراف المدينة وإن كان وصولها إليهم متأخر في ثمانينات القرن الماضي وهي تروي عن الحياة قبل دخول الكهرباء في بعض أحياء عدن ومدنها تصف كيف كانوا يبردون الماء بوضعه في الزير أو الجحلة( أوعية مصنوعة من الفخار), منها للشرب وأخرى للاغتسال ومصابيح الغاز والشموع هي مصدر الإضاءة ويفترشون الأرض بسلق بعد حلول الظلام يتسامر الأهل والجيران كلا من مكانة أمام منزلة وخاصة في فصل الصيف بالجلوس على السلق المبسوطة وربما ناموا حتى الصباح على السلق والفرش المصنوعة من العطب(,القطن) والليف( جذور الخشب وسوقه المبشورةوانواع من النباتات البرية) والسلق( بساط من سعف النخيل) واليوم نعيش نفس الحالة في ظل غياب الكهرباء وانقطاعها لمعظم ساعات اليوم لكن لم نعد نستطيع إفتراش الأرض لضيق الشوارع وانتشار العشوائيات وازدحام الأحياء يالسكان وارتفاع المياني بعكس أمس عدن وخاصة مدينة الشيخ عثمان التي كانت مبانيها بنفس المستوى من الإرتفاع.
أما عن المياه فقد روت جدتي قبول أنه في ظل وجود المستعمر البغيض قام بتوصيل أنابيب المياه إلى ناصية كل حي وكان شخص عرف بالوراد يقوم بتوصيل طلبات المنازل من المياة دون كلل أو ملل فور وصول الطلب وبالكمية المطلوبة والوقت المحدد وهو يضع على كتفه عصا وعلى جانبيها دلاء الماء مقابل أجر زهيد كأجرة نقل أما الماء مجاني واليوم ننتظر الساعات حتى تأتي منة الحكومة من ساعتين اللاصي بعد ساعات طويلة من الإنقطاع وإذا شغلنا الوراد الكهربائي دينما رفع الماء ربما تعجز عن توصيل الماء بسبب تشغيل كل دينمو الحي طلبا للماء وقد تنطفي الكهرباء دون الحصول على حصة منه.
أما عن طعامنا قد تتقرع الأسرة الكبيرة( طعام الفطور) مخبازة من صيد الباغة والخبز المرشوش بالسمن البلدي والصليط الجلجل(زيت السمسم) بربية وهذا قراع براني لمن وضعهم مستور( سفري) أما الأسر الفقيرة ربما تفطر بالروتي والفاصوليا والزيت الحار السمم بسنت وهذه عملات قديمة أما اليوم نصارع على قراع روتي وفاصوليا تسبح داخل الماء الساخن ومثل هذا الفطور اليوم قد يكلف ثلاثة الف ريال للاسرة المتوسطة أما عن الغذاء فالفرق كبير بين غذاءنا امس واكلنا في وجبة الغذاء اليوم لا عاد في صيد ولادجاج ولا لحم اليوم الغذاء حاف جاف.
اما المدرسة فكان عيالنا يذهبوا المدرسة وهناك تمنحهم إدارة المدرسة وجبة مجانية مع نوع من الفاكهة وأدوات مدرسية ووقت دوام منضبط زي ساعة بيج بنج ومعلمين حاضرين أما اليوم يروح العيال المدرسة يروحوا أما مافيش معلمين او إضراب أو مشاكل في الطريق حراق تايرات( إطار السيارات القديمة) وأن حصل يوم مدرسي مافيش كتب وما يحصل الطالب حتى قطرة ماء تسقي ضمؤه في الصيف الحار المهم كان العيال يدرسوا ما نتكلف شئ اما اليوم عشان الجاهل(الطفل) يروح المدرسة يشتي مئة الف ريال كسوة وحقيبة ودفاتر.
وبعد ما يخلص الطالب الدراسة أعدادي او ثانوي او جامعي على طول يتوظف عبر الخدمة المدنية أما اليوم يتفلحس ( يجلس ) بركن الحافة ( الشارع) يمضغ تمبل وقد يضيع مع الرفقة السيئة والجوع كافر.
الثلاجة امس واقصد حتى بداية التسعينات من القرن الماضي ما تخليش،( تفضي،،) من الثلج والماء البارد أما اليوم الثلاجة كبت(دولاب) للراشن إلي ما هلوش( غير متوفر).
وإذا واحد مرض او تعب تروح مستشفى الجمهورية وبعد فتح الصداقة أو واحد من المشافي العسكرية عبود او باصهيب يتعالج من أحسن علاج وكل ما يحتاج من فحوصات ولا تتكلف حتى شلن يتعالج اما اليوم إذا واحد تعب او مرض قليل يحتاج مئات الالاف وقد ما يحصل علاج لو عنده فلوس يروح برع( الخارج) او يصبر على مرضه حتى يموت.
امس كانت عدن كله مصانع ولو خرجت الصبح كأنك داخل الصين عمال المصانع بالبدلة الزرقاء والعسكر زي موحد شرطة وجيش والطلاب زي المدرسة يفتح النفس اما اليو كل مجموعة لهم زي وبظلة حسب اسم القائد اليوم العساكر تبع اشخاص مش. تبع الوطن. والإنضباط بوقت الدوام والمغادرة أما اليوم المصانع مقفلة وابتاعت بقع ل..... ولو رحت مرفق تتابع قد تحتاج شهور الموظف إجازة او مشغول وإذا حضر يحضر متاخر وعادك تراعي لما يكمل القراع ( الفطور،) وإذا قام بالمعاملة يشتي حقه ( رشوة) ولا بياخر معاملتك وبيعذبك عذاب.
امس كل المواطنين سواء حتى المسؤولين عيالهم درسوا في نفس مدارس ابناء الشعب أما اليوم عيال المسؤولين في تركيا والمانيا وسويسرا.
وفي الاخير طلبت مني جدتي قبول عدم ذكر اسمه وعنوانه لان الي يقول الحق يحاسبوه وربما يتهم بخيانة الوطن في حين ان المجرمين والبغاة والمخربين والفاسدين ينعموا بالحراسة الدائمة
حاولت اطمئن الجدة قبول أن الوضع تمام وفي ناس خييرين تحب تعمل لصالح الوطن مع كل ما يحيط بالوطن من المؤامرات والدسائس .
عصام مريسي