من أين أبدأ في صياغة هذه الكلمات التي تصف واقعًا مريرًا يعيشه اقلب الموأطنيين بينما كنت اتجول في مديريه لودر الى وذلك المواطن البسيط يصرخ بصوته المبحوح عن هذه الغلاء الفاحش عن غلاء الموأد القذائيه الذي وصل الكيس الدقيق اليوم الى 60 الف كــ. راتب جندي إن الصراع والأزمة الدائرة في بلادي لا يُراد لهما أن ينتهيا، وكأن هناك من يتآمر على هذا الشعب، لا يريد له أن يعيش بسعادة، أن يعلّم أطفاله، أن يلبسهم ويطعمهم كما يأكل ويشرب أطفال "المسؤولين". لا يهمهم أن يستلم المواطن راتبه الذي بالكاد يكفي متطلباته الأساسية. هكذا هم، من يتحكمون بالبلاد، من صنعوا الصراع وأوقدوا نيران الحرب، إنهم تجار الحروب المستمرون في استنزاف الوطن،
كل الخدمات التي كانت تقدم سابقًا مجانية أو بأقل تكلفة، أصبحت في طي النسيان. الطرقات، التعليم، المستشفيات، الرواتب، التوظيف، المياه، الكهرباء، الصرف الصحي، الضمان الاجتماعي... كل ذلك أصبح من زمن كان. لا يهم من يتحكمون بمصير البلاد من يموت أو يجوع، لا تهمهم انهيار الطرقات، ولا انقطاع الكهرباء، ولا تأخر الرواتب. في زمنهم، انهارت العملة الوطنية وتدهورت الأوضاع، وانقسمت البلاد نقديًا. ذابت الفوارق وانتهى النسيج الاجتماعي، وكثرت أقذر الأعمال، وأصبح العزيز يُهان وابن السوق شيخًا وحاكمًا. نحن نعيش في زمن الغاب، بدون ضمائر إنسانية.
كان في حكم الزمان عندما تُكتب كلمة عن مسؤول فاسد، يتحرك القضاء في استدعائه ويُهان. كان المسؤول في ذاك الزمن يخاف من الإعلام ولا يستطيع أن يمارس الفساد ويتخلى عن الأمانة. اليوم، نحن أمام مستنقع قذر، صنعه هؤلاء من يتحكمون بمصير المواطن اليمني من يمارسون حياتهم بالرفاهية ويسكنون القصور ويستلمون بالعملات الصعبة. هؤلاء من يكدسون العملات وتفتخر نساؤهم بالذهب والمجوهرات وإقامة أجمل الحفلات والمناسبات، وبيوتهم مفروشة بالحرير، يسافرون ويقيمون، ويعلّمون أولادهم في أفخم الجامعات الغربية.
أبناؤهم، أقاربهم، وأصدقاؤهم المقربون يمسكون الوظائف المهمة. ابن الوزير يصبح وزيرًا، وابن الدبلوماسي دبلوماسيًا، وابن البرلماني برلمانيًا، وابن السفير سفيرًا. يتقاسمونها فتصبح قطاعات مقسمة بين شخصيات وبيوت محددة. لن يصل الدكتور الذي يدرس لسنوات أن يجد له وظيفة في مجال دراسته، وذلك المواطن وعياله سيبقون عساكر أو مرافقين لهم ليصرفوا لهم الفتات.
تصل البلاد اليوم إلى فوضى عارمة أحدثتها هذه الشخصيات النتنة التي اشترت الشهادات الجامعية من التزوير والقش بل أصبح المواطن مشتت التفكير، منهارًا، يبحث عن كسرة الخبز التي هي الأهم، وغاز وزيت الطبخ ليسد رمق أطفاله.، وكأنهم بلا ضمير وبلا إنسانية. هؤلاء من يتصورون على آلام الناس.
لم يحلموا أن يصلوا إلى هذه المراتب العليا التي أوجدت لهم ولأهاليهم وأبنائهم الوظائف الدسمة، وأصبحوا تجارًا وصرافين. يعيشون الرفاهية وتخلوا عن المسؤولية والأمانة الموكلة لهم.
لا بد أن يترك هؤلاء المناصب ويغادروها ويتيحوا للشباب المجال ليصنعوا يمنًا جديدًا، جميلًا، سعيدًا.