آخر تحديث :الثلاثاء-01 يوليو 2025-03:56م

الارتقاء بالخطاب السياسي

الثلاثاء - 24 يونيو 2025 - الساعة 05:32 م
جابر محمد

بقلم: جابر محمد
- ارشيف الكاتب


تابعت كما تابع كثير من المهتمين بالشأن الوطني، البيان الصادر عن الأمانة العامة للمكتب السياسي للمقاومة الوطنية، والمتعلق بالاجتماع الذي عقده فخامة رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد محمد العليمي مع هيئة التشاور والمصالحة وعدد من أمناء الأحزاب والمكونات السياسية.

وانطلاقًا من حرصي الشخصي على حماية التوافق السياسي، وترسيخ أسس الشراكة الوطنية الحقيقية، أرى ضرورة التوقف عند عدد من النقاط التي وردت في ذلك البيان، وتوضيح جملة من الحقائق من منطلق الالتزام بالشفافية ورفض التأويلات السياسية المغلوطة.

إن اللقاءات التي يعقدها فخامة رئيس مجلس القيادة الرئاسي ليست مجرد مناسبات بروتوكولية، بل أدوات فعلية لممارسة صلاحياته السيادية، كما نصّ عليها إعلان نقل السلطة، وتمثل ركيزة أساسية في إدارة المرحلة الانتقالية، وتُعبر عن إرادة سياسية واضحة لتوسيع المشاركة وصون مبدأ التوافق الوطني.

فخامة الرئيس لا يقصي أحدًا، ولا يصادر دور أي مكوّن، بل يعمل بروح المسؤولية الوطنية في لحظة استثنائية يمر بها الوطن، ويتحرك ضمن رؤية شاملة تضع المصلحة العامة فوق كل الحسابات الأخرى.

اللقاء الذي جرى بتاريخ 22 يونيو لم يكن سوى حلقة من حلقات التواصل الوطني، هدفه تبادل الرؤى حول المستجدات، وتعزيز التلاحم السياسي في مواجهة التحديات الكبرى.

لم يناقش الاجتماع ملفات تنفيذية تفصيلية، كما أُشيع، بل ركّز على القضايا الوطنية الجامعة التي تقع ضمن صلاحيات رئيس المجلس، باعتباره الضامن للتوازن السياسي والمؤسسي.

والترويج لفكرة "تجاوز الحكومة" يُعد محاولة مرفوضة لتأليب المواقف، وتكريس حالة من الالتباس المفتعل في المشهد الوطني.

إن الزعم بوجود انتقائية في توجيه الدعوات لا يستند إلى أي معطى موضوعي. فالدعوات تُوجه بحسب طبيعة اللقاء، ومقتضيات المرحلة، دون إقصاء أو تمييز.

والعمل السياسي لا يُدار عبر البيانات الانفعالية أو الاصطفاف الإعلامي، بل عبر القنوات المؤسسية والحوار المباشر.

وكان الأجدر، إن وُجدت ملاحظات أو تحفظات، أن يُبادر المكتب السياسي للمقاومة الوطنية بإيفاد من يمثله إلى العاصمة عدن، والتواصل مباشرة مع مكتب فخامة رئيس مجلس القيادة الرئاسي، وطلب لقاء لمناقشة تلك الملاحظات في إطار من الاحترام المؤسسي والمسؤولية الوطنية، بدلًا من اللجوء إلى إصدار بيان يفتقر إلى الحكمة السياسية المطلوبة في هذه المرحلة الدقيقة.

فخامة الرئيس يتحرك في إطار الشرعية الدستورية والقانونية، ولا يتجاوز الصلاحيات الممنوحة له، بل يعمل على حماية التوازن داخل مؤسسة الرئاسة والحفاظ على وحدة القرار السيادي.

التحريض ضد لقاءاته أو التشكيك في مقاصدها يمثل عبثًا سياسيًا خطيرًا لا يخدم إلا أعداء المشروع الجمهوري، وعلى رأسهم المليشيا الحوثية الانقلابية.

لابد من تماسك الجبهة الوطنية وهذا يستدعي من الجميع الارتقاء بالخطاب السياسي، وتغليب المصالح العليا للدولة على المصالح الفئوية أو المناطقية او الحزبية.

فمجلس القيادة الرئاسي ليس طرفًا في صراع داخلي، بل مظلة وطنية جامعة، وجوده واستمراره ضرورة تاريخية لضمان عبور البلاد إلى بر الأمان.

إننا نواجه لحظة فارقة تتطلب قدرًا عاليًا من المسؤولية السياسية والنضج الوطني، وفخامة الرئيس الدكتور رشاد العليمي يقود هذه المرحلة الحساسة بثبات، وإيمان راسخ بأهمية التوافق، والابتعاد عن منطق التفرد والاستئثار.

من هنا، فإننا ندعو كافة القوى والمكونات الوطنية إلى تجاوز الاصطفافات الثانوية، ورصّ الصفوف نحو المعركة المصيرية الكبرى: استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب، وبناء دولة مدنية حديثة قائمة على سيادة القانون والعدالة والمواطنة المتساوية.