آخر تحديث :الخميس-26 يونيو 2025-08:57م

الفتوحات الاسلامية..وتواضع الفاتحين.!!

الجمعة - 20 يونيو 2025 - الساعة 01:00 م
منصور بلعيدي

بقلم: منصور بلعيدي
- ارشيف الكاتب


في عام 632م، رحل النبي محمد ﷺ عن دنيانا الفانية الى جوار ربه ، لتبدأ الجزيرة العربية فصلاً جديداً من تاريخها بقيادة الخليفة الأول أبو بكر الصديق ومن بعده الخلفاء الراشدون.


في سابقة لم يشهدها العرب من قبل، نجح الخليفة الاول أبو بكر الصديق في توحيد القبائل العربية في الجزيرة العربية تحت راية واحدة خلال عام واحد فقط، في إنجاز سياسي وعسكري غير مسبوق.


لم يكتفِ أبو بكر الصديق بهذا الإنجاز، بل أطلق في العام التالي جيوش المسلمين في اتجاهين متعاكسين لمواجهة أعظم قوتين في ذلك العصر: الإمبراطورية الفارسية والإمبراطورية الرومانية.

ورغم قلة عدد الجيشين الاسلاميين وعتادهم مقارنة بجيوش الفرس والروم، فقد حقق العرب انتصارات مذهلة بدت مستحيلة في ميزان القوى التقليدي.

وفي غضون عامين فقط، انهارت الإمبراطورية الفارسية التي امتدت لأكثر من 1200 عاماً ، وسقطت عاصمتها في أيدي العرب، بينما خضعت أجزاء واسعة من الإمبراطورية الرومانية لسيطرتهم.


استمرت الفتوحات الإسلامية من عام 633م حتى عام 711م، حين وصل العرب إلى إسبانيا، لتصبح الأراضي الممتدة من باكستان شرقاً حتى الأندلس غرباً تحت حكمهم، بالإضافة إلى آسيا الوسطى.

هكذا شيد العرب أكبر إمبراطورية في التاريخ، ضمت حوالي ثلةي الحرة الارضية وشعوباً من مختلف الديانات والثقافات، حتى أن نسبة المسلمين لم تتجاوز 2% من سكانها، بينما شملت 60% من مسيحيي العالم، إلى جانب البوذيين والهندوس والزرادشتيين وغيرهم.


ما يميز الفاتحين العرب عن غيرهم في التاريخ أنهم لم يفرضوا دينهم بالقوة، ولم يرتكبوا مذابح جماعية بحق الشعوب التي حكموها، ولم يستعبدوا سكان أوروبا الغربية ( الغال) حتى في معركة تور الشهيرة عام 725م ضد شارل مارتل، ورغم انتصار الفرنسيين فيها، الا ان العرب تمكنوا من السيطرة على مدينة أربونة الفرنسية أخباروحكموها لقرون.


كان العرب أيضاً واقعيين ومنصفين، إذ اعترفوا بقلة خبرتهم في إدارة شؤون الحكم مقارنة بالفرس، فأسندوا إلى الفرس الإدارة، بينما احتفظ الأمراء العرب بالسلطة العليا. وسرعان ما تعلم العرب اللغة الفارسية، وبدأ ثلاثة رجال عرب في صك أول عملة عربية مستفيدين من خبرة الفرس.


هكذا، لم يكن الفتح العربي مجرد توسع عسكري، بل كان تجربة إنسانية فريدة في التسامح والتعايش، صنعت حضارة امتدت آثارها إلى يومنا هذا.