آخر تحديث :الأحد-22 يونيو 2025-06:28م

(العلاوات لا تُطعم جائعا)

الثلاثاء - 17 يونيو 2025 - الساعة 10:44 م
الشيخ أحمد المريسي

بقلم: الشيخ أحمد المريسي
- ارشيف الكاتب



العلاوات لاتطعم جائعا

والرواتب لا تساوي رغيفاً

للأسف الشديد البعض يظن أن الموظف بلا ذاكرة وأنه يبلع الكلام كما يُبلع الدواء دون ماء ، خرج الوزير عبد الناصر الوالي يحدثنا عن العلاوات والتسويات بأنها قادمة ولا توجد عوائق وكأنه يقدم لنا بشرى تاريخية بينما في الواقع يقدم له نكتة سمجة لا تضحك سوى من يعيش خارج هذا البلد الغارق بالجوع والإذلال٠


سعادة الوزير ماعادوا الموظفين يحلمون برفاهية ولا ببيت العمر ولا حتى برحلة او بسفرة عبر طيران الشرق الأوسط او طيران الخليج ، الناس يريدون فقط ما يسد رمقهم ويشبع جوعهم ويكفيهم ذل الفاقة والحاجة والفقر والعوز اصبح همهم هو كيف يمكن ان يكفيهم هذا الراتب الضئيل وكيف يستطيعون توفير قيمة شراء كيس دقيق أو قنينة زيت ،راتب الموظف التربوي والطبيب والمهندس وخريج الجامعة لا يتجاوز خمسين دولاراً شهريا فيما يتقاضى أقل مجند خدمي من أي تشكيل عسكري مدعوم من التحالف ما يعادل راتب ذلك الموظف المدني خلال عام كامل بالله عليكم أي أضحوكة وأي مهزلة تتحدثون عنها حين تقولون علاوات وتسويات٠


العاملون في القطاعات التربوية والتعليمية والصحية ينهارون حرفياً في داخل مؤسساتهم المعلم بات يشرح دروسه على معدة فارغة والطبيب يفحص المرضى وهو يبحث عن دواء لأطفاله والمهندس بات يفكر بالهروب من هذا الوضع إلى بلداً اخر ، وأصحاب الشهادات الجامعية في الإدارات الحكومية يعيشون على الإهانة اليومية كل ذلك بسبب مسؤولين و قيادات لا تخجل من بيع الوهم٠


يا سعادة الوزير سؤال نوجه لك ماذا ستغير العلاوات التي تتحدث عنها هل زيادة عشرة آلاف ريال ستحل الأزمة هل خمسة عشر ألف ريال ستعني شيئا لمن فقد قدرته على شراء الخبز لا شيء من هذه الخزعبلات سيغير شيئا طالما أنكم ترفضون الاعتراف أن المشكلة ليست في العلاوات بل في كارثة الرواتب وربطها بعملة ميتة٠


إن من المعيب أن يتم الحديث عن تحسين أوضاع الموظفين بينما لم يتم حتى الآن تعديل هيكل الأجور منذ أكثر من عقد رغم انهيار العملة المحلية وارتفاع الأسعار خمسة أضعاف على الأقل ،الحل الوحيد الصادق والجدي هو إعادة هيكلة الرواتب وصرفها بالدولار أو ما يعادله على أساس سعر صرف عام ألفين وخمسة عشر وإلا فكفاكم كذبا٠


ونوجه هنا اللوم الواضح والذي لا لبس فيه لدول التحالف التي ترعى هذا البلد تحت البند السابع وتركت موظفيه يعانون من الجوع والذل والخذلان فالتحالف لم يأتِ فقط لمحاربة الحوثي كما كان يقول بل أصبح هو المظلة السياسية التي تُدار تحتها كل هذه المآسي فإذا كنتم تسيطرون على القرار السياسي وتتحكمون بالمنافذ والثروات وتديرون المشهد كله فلماذا لم تُصرف الرواتب من موارد النفط والغاز ولماذا لا تدفع الرواتب بالعملة الصعبة وأنتم من يتحكم بالعملة ومن يدير البنك ومن يطبع النقود ومن يفرض السياسات الاقتصادية٠


هل يعقل أن تكون عدن العاصمة التي تحت وصاية التحالف ومرتبط بها البنك المركزي والمؤسسات وتدفع فيها مرتبات الجيش والأمن بالدولار أو الريال السعودي بينما موظف التربية والتعليم والصحة في نفس المدينة لا يستطيع شراء كيلو طماطم أو لتر بنزين هل هذا هو الدعم هل هذه هي الدولة التي تحارب الفساد٠


لقد أصبح المعلم يندم على تخصصه والطبيب يتحسر على علمه والمهندس يفكر ببيع شهادته في سوق الخردة وكل خريج جامعي بات يكره اليوم الذي التحق فيه بالوظيفة العامة لأنكم حطمتم أحلامهم وسحقتم كرامتهم٠


الموظف اليوم لا يريد تسوية صورية ولا علاوة عبثية بل يريد عدالة وعدالة حقيقية تعني راتبا يكفيه لحياة كريمة وإن لم تكن لديكم هذه النية فارحلوا واتركوا المجال لمن هو أصدق منكم٠


وختاماً نقولها بمرارة ممزوجة بالسخرية إذا كنتم عاجزين عن معالجة الوضع أو لا تملكون القرار فلا تتحدثوا على الأقل لا تكرروا الأكاذيب لأن الشعب ما عاد يصدقكم وكفاية ضحك على الذقون٠


#المريسي٠