آخر تحديث :الجمعة-27 يونيو 2025-05:15م

عيدُ الغُرَبَاءِ في الوَطَنِ:

الأحد - 08 يونيو 2025 - الساعة 10:58 م
أبو الحسنين محسن معيض

بقلم: أبو الحسنين محسن معيض
- ارشيف الكاتب


كتبَ صديقُ الفيس بوك ماجدُ ابنُ أخي عبدالله عمير الحارثي "العيد في الغربة ألم". فقلتُ " وفي الوطن أشد إيلاما...". ولكلِّ مغتربٍ أقولُ:

- في ألَمِ غربتِكم هل يتراشقُ المصلون الرصاصَ ويقتلُ مسلمٌ مسلما في مصلى العيدِ؟. وهل يرمي مجانينُ غربتِكم قنبلةً على المصلين في المساجدِ؟.

- في كَدَرِ غربتكم هل يحملُ أبناءُ البلدِ سلاحَهُم عند التجمعِ في المناسباتِ وزحمةِ الأسواقِ، ويطلقون النارَ عشوائيا فيقتلُ الراجعُ خلقا أبرياءَ.

- في نكدِ غربتكم هل تعانون من انعدام الخدماتِ من كهرباء وغاز وماء.. وتقفون طوابيرَ ساعاتٍ وأياما في الحرِ والقهرِ للحصول على لترِ بنزينَ أو دبةِ غازٍ؟.

- في قلقِ غربتكم هل تهابون السفرَ فُرادى ليلا أو نهارا؟. وهل تتنقلون دون حاجةٍ لأخذِ سلاحِكم معكم؟.

- في هَمِّ غربتكم هل تخافون على حياتِكم ومالِكم عند نقاطِ التفتيش الأمنية؟. وكلُ نقطةٍ بمسمىً أمني آخرَ.

- في مآسي غربتكم هل تجدون نقاطا قبليةً متعددةً وقُطَّاعَ طرقٍ يبتزونكم ويأخذون أموالَكُم، أو ينهبون متاعَكُم وسياراتِكم وربما حياتَكم؟!.

- في شُح غربتكم هل يتأخرُ الراتبُ شهورا عدة؟. وهل يخصمُ المديرُ منه أو يتقاسمه معكم؟. علما أن راتبنا في وطنِ السعادة 100 ر.س، وإن زادَ ف150.

- في غربتكم كيف هي الطرقاتُ عند تنقلكم بين المناطقِ؟. هل فيها مطباتٌ كسنام البعير وبراميلُ نقاطٍ كل 5 كلم؟.

- في قهرِ غربتكم هل يسألك جنديُ النقطةِ أو الدوريةِ وين رايح! ومنين جاي! وكيف الدنيا! شي لها ولا عليها!.. تفذيحة!. سجارة!. صبوح!. قارورة ماء!. ويشترطُ عليك أن تكونَ بطيبةِ نَفْسٍ، حتى لا تُكْتَبُ عليهِ سيئةٌ!.

- في غربتكم هل تجدون عشراتِ قواطرِ الديزلِ والبترول متوقفةً بفعل قطاعٍ قبلي ولهم مطالبُ خاصةٌ. أو بقوةِ جنودٍ لم يستلموا مخصصاتِهم الماليةِ.

- في غربتكم هل تنامون في العراءِ هربا من فَيحِ الحِرِ؟. وهل تبحثون في القمامة عن بقايا طعامٍ يَسُدُ جوعَكُم؟!.

- ولا أطيلُ عليكم.. فسجلُ وطنِنَا زاخرٌ بالألمِ، صفحاتُه أهاتٌ، وسطورُهُ عبراتٌ وحروفُه حَزنٌ وفواصلُه فِتنٌ. قديما كان أشدُ ما يؤلمُ المغتربَ في غربته تغاضيُهُ قليلا عما يخدشُ كرامتَه تصبرا من أجلِ لقمةِ العيشِ وعدمِ إحداثِ ما يكدرُها. أما اليوم فالغربةُ تُعَدُ نعمةً وهبةً، بل هي عزةٌ وكرامةٌ، أمام ما نعانيه نحن هنا من تحطُمِ إنسانِيتِنَا وتبعثُرِ عزَّتِنَا.. في بلدٍ يؤَرِخُ أهلُهُ ساعاتِ الفرحِ "اليوم تغدينا لحمة، الليلة الكهرباء زادتنا ساعة، الليلة هدوء ما فيش رصاص، بكرة با نستلم الراتب، ....". فلتحمدوا اللهَ على ألمِ غربتكم.. ودعوا الوجعَ والعذابَ والقهرَ لنا في وطنٍ نحن فيه أكثرُ من غرباء.

أبو الحسنين محسن معيض