آخر تحديث :الإثنين-16 يونيو 2025-03:46م

اليمن بين السقف المنهار والهيكل الفاسد

الأحد - 08 يونيو 2025 - الساعة 11:38 ص
م. عبدالقادر خضر السميطي

بقلم: م. عبدالقادر خضر السميطي
- ارشيف الكاتب


**


لسنا بحاجة إلى إصلاح السقف، بل إلى هدم الهيكل الذي بُني على عظامنا


في الوقت الذي تتعالى فيه الأصوات المطالِبة بـ"الإصلاح"، يقف اليمني أمام مشهد واقعٍ لا يمكن إصلاحه بترقيع أو بوعود عابرة. المقولة التي تقول:

"لسنا بحاجة إلى إصلاح السقف، بل إلى هدم الهيكل الذي بُني على عظامنا"

تلخّص بدقة حالة وطن أنهكته الحروب والفساد وسوء الإدارة، حتى أصبح الترميم بلا معنى، لأن العلّة تكمن في الأساس، لا في القشور.


في *التعليم* ، لا تكمن المشكلة فقط في نقص المدارس أو الكتب أو المقاعد، بل في منظومة تعليمية مشلولة، صيغت لعقود خارج نطاق التخطيط الوطني، وغابت عنها الرؤية المستقبلية. لم تُبنَ على العلم والمعرفة، بل على التلقين والولاء السياسي. ومع استمرار الحرب، تحوّلت المدارس إلى مراكز نزوح أو ثكنات، وضاع جيل كامل بين الجهل والتجهيل، فيما تُطرَح شعارات "الإصلاح" كمسكّنات لا تمسّ أصل المشكلة.


وفي *الزراعة* ، التي كانت يوماً شريان الحياة في اليمن، يواجه المزارعون اليوم تدميرًا ممنهجًا لأدواتهم، وتجاهلًا مريبًا لدورهم الحيوي في تحقيق الأمن الغذائي. انقطعت قنوات الري، اختفى الدعم، وغابت الخطط الاستراتيجية. المشاريع المعلّبة لم تُجدِ نفعًا، لأنها طُبقت على أرضٍ بلا عدالة، في هيكل إداري منهار، يتغذّى على الفساد لا على الإنتاج.


أما *الوضع السياسي* ، فهو الصورة الأوضح للهيكل المتهالك. انقسام وتشظٍّ، غياب دولة، وتعدد مراكز نفوذ تتصارع على سلطة دون مشروع وطني. الشعب بلا صوت، والوطن بلا قرار. أي حديث عن "حلول سياسية" لا يُعيد الاعتبار للناس، ولا يهدم بنية الفساد والاستبداد، هو مجرد استبدال سقفٍ بآخر، فوق جدران مشققة وآيلة للسقوط.


*الخلاصة* : ما يحتاجه اليمن اليوم ليس "إصلاحًا تدريجيًا" في منظومة مشوهة، بل تفكيكًا جذريًا لبنية بُنيت على حساب الناس وحقوقهم ومستقبلهم. نحن بحاجة إلى هدم منظومات متجذرة في الظلم والجهل والإقصاء، وإعادة بناء هيكل جديد، يُؤسس على الشراكة الوطنية، والعدالة الاجتماعية، وكرامة الإنسان.


فلا معنى لإصلاح سقف، إن كان البيت قد شُيّد من البداية على أنقاض الحلم اليمني.