في يمن مكسور ، تحاصره المآسي من كل الجهات ، تنام أرواح ملايين اليمنيين الجياع على حجر الحنين ، لا خبز ، لا ماء ، لا دواء ، لا كرامة ، في الجانب الآخر من المشهد ، هناك ثلة من مسؤولي السلطة الشرعية ، بينما لا مسؤولية لهم سوى تجاه أرصدتهم ، ولا شرعية لديهم سوى شرعية امتيازات ومكاسب الكراسي التي يقعدون عليها ، أولئك لا يشربون من ماءٍ الشعب ، لا ينتظرون غاز الطبخ ، لا يقفون في طوابير الخبز ، لا يخافون على أطفالهم من الجوع أو المرض . يعيشون ، بعيدًا عن الناس ، لكنهم قريبون جدًا من المال العام ، من خزائن الدولة ، من عقود الدعم والإغاثة ، من كل ما لا يستحقونه .
أموال اليمنيين تُنهب تحت مسميات : بدل سفر ، مصاريف علاج ، نثريات لجان ، مكافآت مهام ، وكأنهم يخوضون حربًا بأسنانهم لا بكروشهم ، وكأنهم يسهرون على راحة الوطن ، لا على أرائك الفنادق أو أرباح استثماراتهم في الخارج ، إنه البحث عن الترف فوق رماد اليمن .
كم يوجع أن ترى مسؤولًا ينزل من سيارة فارهة ، يضع على معصمه ساعة بعشرات الآلاف من الدولارات ، ويبتسم أمام الكاميرات ، وهو يتحدث عن المعاناة ، بينما هو لا يعرف من المعاناة شيئا .
ثراء بعض مسؤولي السلطة الشرعية في زمن جوع ملايين اليمنيين خيانة ، من يعيش على اوجاع وطنٍ يحترق ؛ لا يحق له أن يتحدث عن نضال ، ومن يتاجر بالمآسي ؛ لا يحق له أن يدّعي الوطنية ، لا تتحدثوا عن استعادة الدولة ، وأنتم أول من فرّط بها ، لا ترفعوا راية الشرعية ، وأنتم أول من لطخها بوحل الطمع والنهب ، لا تزايدوا باسم الوطن ، وقد بعتموه قطعةً قطعة في مزاد مصالحكم .
ما يحدث ليس فسادًا إداريًا عابرًا ، إنه جريمة أخلاقية وإنسانية ، إن لم يُطهر جسد الشرعية من الفساد ، فإن الشرعية ستتحول إلى جثة سياسية هامدة ، لا روح فيها ولا حياة .
يا للأسى حين تمنح مليشيات الحوثيين ما لم تستطع أخذه بالسلاح ، على طبقٍ من ذهب الفساد ، أيها المسؤول الفاسد ، الذي أرهق الوطن ، انظر إلى فنجان قهوتك في فندقك الفاخر ، قد تكون تكاليفه قوت أسرةٍ كاملة لأسبوع ، انظر إلى حذائك اللامع ، قد تكون قيمته علاجًا لطفلٍ على سرير الألم ، انظر إلى أرصدتك ثم اسأل نفسك : هل بقي فيك من الوطن شيء؟! لقد أصيب الشعب اليمني بكارثتين : كارثة المليشيات الحوثية الطائفية الكهنوتية ، وكارثة فساد استشرى في السلطة الشرعية ، ينهش ما تبقى من آمال اليمنيين في استعادة اليمن من بين أنياب الكهنوت السلالي الحوثي ، وأظافر الفاسدين في السلطة الشرعية .
عبدالواسع الفاتكي