آخر تحديث :الخميس-03 يوليو 2025-11:57ص

الامانة والشيخ عبد العليم في مسجد الرحمة

السبت - 24 مايو 2025 - الساعة 05:03 م
عبدالسلام فارع

بقلم: عبدالسلام فارع
- ارشيف الكاتب


القائمون على مسجد الرحمة في الطالبية بالعاصمة المصرية القاهرة وفي مقدمتهم الأستاذ عابدين طه يحرصون على الاختيار الناجع والامثل لخطباء الجمعة من الازهريين ارباب الخبرة والتفوق

مثل الازهري المتألق الشيخ عبد العليم محمد حسني فهمي والذي ابحر وغاص بعمق في كل شؤن ومعاني الأمانة وعلى النحو الاتي..


الحمدلله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.الملك الحق المبين (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها الا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين)وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله خير من بلغ شرع السماء إلي أهل الأرض ورسم لأمته منهجا ينبغي أن تسير عليه فجاءها بخير دين وأكرم رساله اللهم صل وسلم وبارك على عبدك وحبيبك سيدنا ونبينا ومولانا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين أما بعد فيا عباد الله يقول تعالى في كتابه الكريم وهو أصدق القائلين ((إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلي أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا أيها المسلمون يقول سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة فاتحا ودخل البيت الحرام قال لعثمان بن طلحة أين مفاتيح الكعبة يا عثمان قال هاهي ذي فقام سيدنا العباس وقال يارسول الله اجعلها لي فامتنع عثمان بن طلحة فأمره النبي صلى الله عليه وسلم مرة ثانية أن يعطيها إياه فأعطاها عثمان بن طلحة لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولما تشوق سيدنا العباس إليها نزل قول الله تعالى) إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلي أهلها )فردها النبي صلى الله عليه وسلم إلى سيدنا عثمان بن طلحة وكان هذا سببا في نزول الآية أيها المسلمون والأمانة صفة من صفات الأنبياء تحلي بها الأنبياء والمرسلون وكم من نبي قال لقومه (إني لكم رسول أمين ) والأمانة تكون في القول وتكون في العمل وتكون في الإختيار ورسولنا صلي الله عليه وسلم يأمرنا أن نؤدي الأمانات إلي من ائتمننا فقال صلى الله عليه وسلم (أد الأمانة إلي من ائتمنك ولا تخن من خانك بل جعل النبي صلى الله عليه وسلم الجنة جزاءا الأنبياء فقال صلى الله عليه وسلم (اضمنوا إلي ستا من أنفسكم أضمن لكم الجنة أصدقوا إذا حدثتم وأوفوا إذا وعدتم وأدوا إذا اؤتمنتم وغضو أبصاركم واحفظوا فروجكم وكفوا أيديكم )ويحدثنا سيدنا علي كرم الله وجهه فيقول كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل علينا رجلا من العالية فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ألين شيء في الدين وعن أشده فقال ألين شيء في هذا الدين شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله وأشد شيء ياأخا العالية الأمانة إنه لاإيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لاعهد له وإذا ضاعت الأمانة ضاع الدين. إذا الإيمان ضاع فلا أمانة ولا دينا لمن لم يحي دينا. ومن رضي الحياة بغير دين. فقد جعل الغناء لها قريبا. فإذا ضاعت الأمانة ضاع الإيمان وإذا ضاع الإيمان فلا استقرار ولا أمانة ولا هدوء. ألا وإن نبينا صلى الله عليه وسلم جعل من الأمانة أمانة الإختيار وهي توظيف أو وضع الرجل المناسب في المكان المناسب. فحينما جاء رجل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له يارسول الله ألا تستعملني ألا تجعلني عاملا فقال صلى الله عليه وسلم يافلان إنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة))هكذا ترون أن النبي صلى الله عليه وسلم مع ثقته بأن هذا الصحابي مؤمن وصادق ورجل أمين في معاملته مع الناس إلا انه قال إن توليتك أمرا من أمور المسلمين يحتاج إلى صفات محددة وبالتالي لايتطلع أحدا إلي منصب لايستحقه وينبغي ألا يعين أحدٌ أحدا ً في منصب لايستحقه لأن ذلك يعتبر تضييعا الأمانة. أيها المسلمون واستمعوا إلي قول نبيكم صلى الله عليه وسلم مجيبا على سؤال أحد أصحابه يارسول الله متي الساعة فقال صلى الله عليه وسلم إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة قال وما تضييعها يارسول الله قال إذا وسد الأمر إلي غير أهله فانتظروا الساعة وما من أمة تقدمت إلا بسبب الأمانة في كل شيء في القول والفعل وفي الإختيار فإذا ضاعت الأمانة فاقرأوا الفاتحة على هذه الأمة إلي الأبد جماعة المسلمين. ألا وإن نبيكم صلى الله عليه وسلم علمكم عمليا أن هناك أناسا مع أفضليتهم ومع صلاحهم ومع قوة صلتهم بالله تعالى إلا أن هناك من يستحق أن يتولى الأمر دون هؤلاء كيف ذلك حينما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم مرضه الأخير الذي مات فيه قال مروا أبا بكر فليصلي بالناس فكان سيدنا أبا بكر يصلي بالناس وذات يوم لم يحضر سيدنا أبو بكر فحضر عمر فقال....


سيدنا بلال سأقيم الصلاة وتصلي أنت بالناس ياعم قال أفعل فأقام الصلاة وتقدم سيدنا عمر وكان جهوري الصوت فلما كبر سمعه النبي صلى الله عليه وسلم في بيته وكان متوكئا فرفع الستار فوجد عمر هو الذي يصلي بالناس إماما فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر وجعله إماما معني ذالك أنه لم يكن يصلح لهذه المهمة آنذاك إلا أبي بكر الصديق لالضعف عمر ولا لعجز ولا لخلل وإنما لأن الله عز وجل قد اختص أبا بكر بخصائص ليست لعمر ولا لغيره ولذالكم حينما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وطاش جواب الناس وكان من بين هؤلاء سيدنا عمر الذي قال من قال إن محمدا قد مات قطعت عنقه بسيفي هذا حتي جاء سيدنا أبو بكر الصديق ورد الناس إلي جوابهم وقال من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت عند ذلك علم سيدنا عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات وتولي أبو بكر الخلافة ثم بعد أن انتهت خلافة سيدنا أبو بكر الصديق أوصي أن يتولى الخلافة سيدنا عمر رضي الله عنه لأنه لم يكن يصلح لإمارة المسلمين أو لخلافة المسلمين بعد سيدنا أبي بكر سوي سيدنا عمر رضي الله عنه ولما طعن سيدنا عمر اقتضت الأمانة أن يكون بين الباقين من العشرة المبشرين بالجنة قالوا ياأمير المؤمنين اجعل عبد الله بن عمر خليفة قال لابحسب آل الخطاب أن يسأل واحد منهم عن إمارة أمة محمد صلى الله عليه وسلم إن الأمانة هي التي اقتضت سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل الخلافة لأبي بكر دون سواه ولذالكم استقام أمر هذه الأمة وهذا ما فعله سيدنا أبو بكر وسيدنا عمر جماعة المسلمين ويوم أن تكون أمناء في وضع كل رجل في مكانه المناسب تتقدم الأمة وتسعد وترتقي إذا وضعنا الرجل الكفء في مكانه أيها المسلمون إن الطب أمانة وإن الهندسة أمانة وإن التعليم أمانة فالطبيب أمين علي المريض الذي بين يديه إن راقب ربه في شأن هذا المريض كان أمينا كذالكم المهندس إن راقب ربه في عمله وعمل هذا العمل ابتغاء مرضاة الله تقدمت الأمة بأمثال هؤلاء المدرس في فصله أمين علي التلاميذ إذا علمهم ابتغاء مرضاة الله عز وجل وراقب ربه في هؤلاء الصبية ابتغاء مرضاة الله عز وجل حتى يتعلموا العلم النافع فإن ذلك يعتبر من قبيل الأمانة ثم اعلموا أن الأمانة لاتأتي إلا بخير في الدنيا والآخرة أيها المسلمون والكلمة أيضا أمانة إذا اؤتمنت علي كلمة إياك أن تنقلها وإذا أذن لك بنقلها فانقلها دون تغيير ولا تبديل فإن زدت عليها أو نقصت فيها فأنت خائن للأمانة كيف هذا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوما لأحد أصحابه إذا أويت إلي مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع علي جنبك الأيمن ثم قل اللهم إني أسلمت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك لا ملجأ ولا منجأ منك إلا إليك اللهم اني آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيك الذي أرسلت فإن مت في ليلتك هذه وأنت على الفطرة ثم طلب منه صلى الله عليه وسلم سمع فأعادنا سمع إلا أنه بدلا من أن يقول ونبيك الذي أرسلت قال رسولك فقال له النبي صلى الله عليه وسلم لابل قل ونبيك كما سمعتها فكيف بمن يتقولون علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبمن يكذبون علي رسول الله صلى الله عليه وسلم والله سبحانه وتعالى نزه النبي صلى الله عليه وسلم عن الكذب فقال ((ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين))جماعة المسلمين والأمانة سبب في أن يرث الإنسان الجنة قال سبحانه ((والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون والذين هم علي صلواتهم يحافظون أولائك هم الوارثون))ومن أنواع الأمانة أمانة الجوارح عيناك التي تبصر بهما طريق الخير ائتمنك الله عز وجل عليهما فإياك أن تنظر بهما إلي ماحرم الله حتي لا تكون خائنا للأمانة وقديما قال الشاعر العربي ((وأغض طرفي مابدت لي جارتي. حتي يواري جارتي مأواها)) كذلك ائتمنك الله عز وجل علي السمع فلا تسمع إلا ما يرضي الله عز وجل حتى لا تكون خائنا للأمانة ((ولا تقف ماليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل اولائك كان عنه مسئولا أيها المسلمون إن الأمناء الذين يحشرون مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين التاجر الصدوق الأمين له هذه المزايا وهذه الصفات فإذا خان الأمانة وكان التاجر غشاش في بيعه وشراءه لايبارك الله له في ماله ويحشر يوم القيامة في الأزليين لأنه عصي الله ورسوله ويوم أن دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم السوق ووضع يده في الطعام فأصابها بلل قال ماهذا ياصاحب الصبرة قال أصابه المطر يارسول الله قال هلاَّ جعلتها من أعلي حتي يراها الناس من غشنا فليس منا ولك أن تقف مليَّا أمام قوله صلي الله عليه وسلم من غشنا فليس منا لماذا لأنه فعل فعلا ليس من صفات المسلمين والمؤمن الصادق الأمين لايأتي إلا بخير ولا يأتي منه إلا كل خير وسيدنا عمر رضي الله عنه كان يتحسس الرعية ذات ليلة فسمع امرأة تقول لابنتها يابنية فومي إلي اللبن فاخلطيه بالماء فقد أوشك الصبح بضوئه فقالت الفتاة لأمها كيف افعل ذلك وقد نهي أمير المؤمنين عمر عن ذلك قالت الأم لابنتها إن عمر لايرانا فقالت الفتاة لأمها إن كان عمر لايرانا فإن رب عمر يرانا سمع عمر هذا ثم انطلق إلى المسجد فصلى الصبح بالناس إماما ثم قال لولده عاصم اذهب إلى حي بني فلان فأسأل عن هذا المكان الفلاني عن فتاة فيه إن لم تكن متزوجة فائتني بخبرها حتي أزوجك إياها وفعل عاصم وزوجه اياها فأنجبت له فاطمة التي تزوجها عبد العزيز بن مروان فأتت له بعمر بن عبد العزيز انظروا كيف كان أثر الأمانة عمر بن عبد العزيز يتولى الخلافة ويلقب بخامس الخلفاء الراشدين ويرد الأموال من بني أمية إلي بيت مال المسلمين ويلومه بنوا أمية علي هذا الفعل ويقول أحدهم لاتلوموا عمر إنما لوموا أنفسكم فقد زوجتم عبد العزيز بن مروان بفاطمة بنت عاصم بن عمر بن الخطاب فأتت لكم بعمربن الخطاب ملفوفا في ثيابه عمر بن عبد العزيز كان إماما عادلا حتي إن الزكاة في عهده حينما طلب من الحياة أن يجمعوها قالوا ياأمير المؤمنين إن الأغنياء ردوا الأموال علي الفقراء فلم نجد فقيرا وهناك مال كثير قد تبقى من أموال الزكاة فماذا تفعل به قال اشتروا به رقيقا وأعتقوهم لوجه الله عز وجل هكذا ترون أن الراعي الصالح يرعي الأمة الصالحة فاتقوا ربكم وراقبوه واتقوا يوما ترجعون فيه إلي الله ثم توفي كل نفس ماكسبت وهم لا يظلمون. ((الخطبة الثانية))أما بعد فيا عباد الله يوم أن حضرت الوفاة سيدنا عمر بن عبد العزيز قالوا ياأمير المؤمنين ألا توصي لأولادك بشئ من بيت مال المسلمين فإنهم فقراء فقال أدخلوهم علي وكانوا بضعة وعشر ولدا فقال لهم يابني إنما أحد رجلين إما رجل صالح ((فالله يتولي الصالحين))وإما رجل فاسد فلا أعطيكم من مال الله لتستعينوا به علي معصية الله ثم قال لهم اخرجوا عني فلما خرجوا سمعوه يقول ((تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لايريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين))إن الأمانة هي التي استدعته أن يفعل ذلك لكن ماذا حدث بعد ذلك بعدعام واحد كان أحد أبناءه يساهم في إعداد الجيش الذي يحارب المشركين بماله الوفير الذي تفضل الله عز وجل عليه به ((وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا فاتقوا الله وكونوا أمناء في أقوالكم وفي أفعالكم وفي تصرفاتكم واتقوا يوما ترجعون فيه إلي الله ثم توفي كل نفس ماكسبت وهم لا يظلمون