تتجه أنظار العالم العربي نحو العاصمة العراقية بغداد، حيث ستُعقد القمة العربية الرابعة والثلاثون في 17 مايو 2025، في حدث محوري يحمل آمالاً كبيرة نحو تعزيز التضامن العربي وتوحيد الصفوف لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية. تعكس استضافة العراق لهذه القمة عودة بغداد إلى الواجهة السياسية العربية، واستعادة دورها المحوري كجسر للتواصل والتعاون بين الدول العربية، في خطوة تعبّر عن الإرادة الجماعية لتعزيز الاستقرار والتنمية في المنطقة.
تكتسب مشاركة اليمن في هذه القمة أهمية خاصة، حيث يترأس الوفد الدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، الذي لطالما حمل هموم اليمن إلى المحافل العربية والدولية، مطالبًا بالسلام والاستقرار. تأتي مشاركته في هذه القمة استمرارًا لهذا النهج، حيث ينقل بصوت صادق معاناة الشعب اليمني وتطلعاته نحو مستقبل أكثر أمنًا وازدهارًا.
ولا يمكن الحديث عن الأوضاع في اليمن دون الإشارة إلى الدور التخريبي لميليشيا الحوثي، التي تسببت في دمار واسع وأزمة إنسانية خانقة. لقد أدت ممارساتها إلى تعميق المعاناة، وتعطيل مسارات السلام، ما يجعل التحدي الأكبر أمام القمة العربية هو صياغة موقف موحّد للضغط على هذه الميليشيات لإنهاء الحرب، وعودة الأمن والاستقرار إلى اليمن.
على صعيد آخر، تتصدر القضية الفلسطينية أولويات جدول أعمال القمة، حيث تبقى مركزية في الضمير العربي، في ظل التحديات المستمرة التي يواجهها الشعب الفلسطيني. نتطلع من القادة العرب إلى اتخاذ مواقف موحدة تدعم حقوق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة، وتجديد التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية في الوجدان العربي.
وفي سياق تعزيز التضامن العربي، تأتي عودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية كخطوة تاريخية نحو لمّ الشمل، واستعادة روح الوحدة العربية. هذا القرار يمثل إيمان القادة العرب بأهمية الحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها، وفتح صفحة جديدة من العمل المشترك لإعادة الإعمار وتحقيق الاستقرار.
بغداد، بموقعها التاريخي كعاصمة للسلام العربي، ترسل رسالة واضحة بأن العرب قادرون على تجاوز الخلافات، وإعادة ترتيب البيت العربي بروح الحوار والتفاهم. استضافة العراق لهذه القمة ليست مجرد حدث دبلوماسي، بل تعبير عن قدرة بغداد على لعب دور فاعل في تقريب وجهات النظر، وتعزيز الحوار العربي المشترك. إنها رسالة سياسية تعكس الثقة في العراق كقوة دافعة نحو لمّ الشمل وتجاوز التحديات بروح من التعاون والاحترام المتبادل.
في ظل التحولات الجيوسياسية التي يشهدها العالم العربي، تظل القمة العربية في بغداد فرصة حقيقية لإعادة صياغة مواقف موحدة تدفع باتجاه السلام والاستقرار الإقليمي. الأمل معقود على أن تكون هذه القمة خطوة نحو تعزيز العمل العربي المشترك، وإطلاق مشاريع سياسية واقتصادية تترجم الطموحات إلى واقع ملموس، يمهد الطريق لمستقبل أكثر أمننا وإشراقًا.