آخر تحديث :السبت-18 أكتوبر 2025-09:12م

مُنعطَّف الخطر

الثلاثاء - 13 مايو 2025 - الساعة 06:58 م
صفوان القاضي

بقلم: صفوان القاضي
- ارشيف الكاتب


أصبحت الحياة مُنعطف خطير، ورِحلةٌ شاقة يُقاسيها المُواطن، مِن حيث العيش التعيس، جراء الحرب.. واِندلاع الكوارث، واحدةً تلو أخرى، على حِساب حياةَ المُواطن الكادح، المجبور على دفع الثمن.

أصبحت حياة المُواطن ضحيةً رخيصة، "ككِباش الأضاحي"، لا طاقةَ لها لِتحمُّل كل هذهِ الأعباء الوخيمة، وأوزار الصِراع الطائل منذُ أعوام، المُتبدِّد إلى مالا نِهاية، ونتائجهُ السلبية بِالضرر يومًا بعد آخر.

الطبقة الوسطى وما تحتها ليست كفيلة بِأنْ تكون الضحية، لِمقاصد سياسية، لا تتضمن لها تأمين قوت يومها مِن الخُبز، أو بضع ريالاتٍ هابِطة، إزاء السِلع الباهظة، نظرًا لِحرب الإقتصاد المادي، وإغلاق كافةَ أبواب العمل، في أوجهُ البطالة، وحِيال ذلك.

لِيُصبح الكل أُلعوبةً لِما خلف الكواليس، والاِستسلام لِلحاضر المُزري، والموت في سبيل الكِفاح.

لمْ يُعد ثمَّة ملجأ يستمِّد مِن بصيصهُ الأمل، هذا البسيط. لقد سُلِبَ كل شيءٍ، فداءً لِساحة المشهد، ولمْ يبقَ غير الهاوية، ولا خيار غير ذلك، بِخلاف أبواب المُعسكرات غير المُوصَّدة، وكما يبدو أنهُ الخيار الوحيد والباب المفتوح أمام الشعب، والإقبال عليهِ بِكثافة.

وكما بِالملاحظ أنَّ نِسبة 80% مِن المُواطنين جُنودًا، ولمْ يتبقى في القِطاع الميداني إلا نِسبة ضئيلة، تتراوح ما بين 20% وما تحت، وذلك مِن فِئات كِبار السن يصحبهم الأطفال ثُمَّ النِساء، والمُعاقين، أي غير القادرين على حمل السِلاح.

إضافةً إلى موظفي القطاع المدني المقطوعة، عن المُرتَّبات وغير القادرة عن العودة لِمقرات العمل، في المناطق الخاضعة لِسيطرة المِليشيات.. أصبحت حاضنة لِتيار السلك العسكري.

الوطن يعجُّ بِالفوضى، واِصطكاك الواقع المُعاش، بينما يكترث الجوع بيوتًا لِلفقر، مأسي لا تُدرك.

أصبح الحال يتدرَّج لِلأسوأ، في حالةٍ مِن التدهوُّر، وإهدار الحُقوق، بِالإضافة إلى تفاقُم الإساءة كل يوم.

عجزٌ كبير أنْ تُفصَّل كل العثرات الراهنة بين طيات المُفردات، والبلاء الناجم عن اِقتراف زلات تسبَّب لها عتاولة الدولة، لِهذا الشعب بِالألم.

النسيج المُجتمعي في حال اِنقراض قابل لِلزوال، ولا مِن مُنقذ يُخرجهُ مِن هذا المأزق اللعين، الجاثم فيهِ طيلة سنين.

كذلك العملية التعليمية تزداد سُوءًا في غُضون تِلك الفترة مِن الإفلات، والجيل الصاعد لِلمستقبل في ضياع، ولا شيءٌ هُنا يُكمِّن اِستدلال لِلنهوض بعد السقوط.

هل يوجد ثمَّة مُبرارات لكل هذه المُعاناة والتضحيات، غير الدمار وسفك الدِماء والتجوُّل فوق أكوام الجماجم، نِهاية حصاد وحسم المعركة؟!

أقول مُوضحًا هنا: إننا مُفعمون بِالحزن، مُتخمون بِالعزاء، مُثقلون بِالأسى وتراكم الخيبات، في وسط مأتمٍ لا نقوى الفِرار منهُ.

وكما أُريد هُنا إيضاح وإيصَال نُقطة هامة، لِمنصة "عدن الغد"، بِأنَّ ثمَّة مواد بِضرورة الحاجة لِسردها، والتعبير عنها لِلأهمية.. والتي تُعد ضمن سِلسلة هذا السياق، إلا إنها لا تلفت نظر الكُتاب لتداولها بِالمرة.

تظل تِلك المواد بِافتقارٍ تام لِجموح الكتابة والنشر، بِمُختلف منصات مواقع التواصل الإجتماعي مِن ناحية، ومِن ناحية أُخرى يظل السُكوت عنها والتجاهل، مِن العيب جدًّا، والمُخزي بِحق أقلام الإنسانية والضمير الحي، كما إنها تجثو كوصمة عارٍ على جبين الصمت.

هااا نحنُ والجميع على دراية، ومعرفة تامة، بِأنَّنا نُمارِس التذمُّر إزاء الحدث، والتنمرات البايخة.. نستجدي التِرندات البلهاء بين الفينة والأخرى، وندع كل ذا وذاك؛ هباءً منثورَ، وكان يجب أنْ نصدَّح بِكل ما لدينا مِن اِستطاعة، بِصوت المظلومية والغجرية التي كاد لِصوتها أنْ يغيب ويفنى، ونحنُ هامِدون لا يتحرك لنا ساكن، أو يرفُ لنا جفن، أمام مُستغاثٍ جائر، يُلوِّح يدهُ لِلعون، ولا مِن شفيق أو مُستجيرٍ له.

يكادُ الناس يتفجَّر مِمَّا فيهِ، عند سماع أخبار سِعر العُملات الأجنبية، مُقابل الريال، ترتِفعُ كل يومٍ في تزايد لِلأعلى، والسِلع الغِذائية كذلك.. مربوطة بِحبل الصرف اليومي في الأسواق المحلية، فيُحوِّط الهلع جيبهُ الفارغ والتفكير بِالانتحار لِمرات.

ليس لأول وهلة تتعسَّر الحياة عند المُواطن اليمني، أو لِفترة وجيزة تمُر عليهم بِسذاجة، إنها لِسنوات! وها نحنُ بين مُستنقاتها وأوحالها المُستدامة. وبين أمانيها الموؤدة بِرمس مرحاضها القذر، وأحلامها العاثرة بِلجَّ الدناءة، والخسائر الفادِحة في سبيل التضحية والحياة، ومنال الرغيف.

يجب ألا نعتاد المشهد كالطبيعي العابر، ويجب أيضًا ألا نغفو في هجعةٍ عن اِستمرار تِلك التنديدات، كوقفةٌ تضامنية لِحظنا العاثر، بِأوضح التجليات، لِنزع الحياة وسلبها مِنا، دون أيّ ذنب.

كما أتمنى في نِهاية المطاف، وفي خاتِمةَ النص هذا والسرد السطحي غير العميق، المُنقَّح لِلموضوع.. أنْ نتغنى بِمعاناةَ الشعب هذا وعيشهُ التعيس بِحفاوة، وننشر حروف أوجاعهُ عن كُثب... دون كللٍ أو ملل.

وأختمُ كالعادة بِجملة.. "لِلحديث بقية"