آخر تحديث :الجمعة-04 يوليو 2025-05:18م

عدن تصرخ بصوت النساء… فأين العدالة في التمثيل؟

السبت - 10 مايو 2025 - الساعة 11:41 م
مازن العسلي

بقلم: مازن العسلي
- ارشيف الكاتب


مساء السبت، العاشر من مايو 2025، تحوّلت ساحة العروض في عدن إلى منبرٍ شعبيّ نسائيّ، حيث خرجت النساء في مظاهرةٍ استثنائية، تكسّرت فيها كل محاولات الترهيب، وتجاوزت كل الخطوط الحمراء التي حاول البعض أن يفرضها على حضور المرأة في الفضاء العام، فلم يكن هذا الخروج فعلاً عابرًا، بل موقفًا شجاعًا يحمل في طياته تراكمًا من الألم والغضب، ورسالة سياسية واجتماعية واضحة لا تقبل التأويل.


جاءت المظاهرة بعد أيام من التهديدات، والتشويه المتعمد، والتحريض الصريح ضد المشارِكات، حيث كان يُراد للنساء أن يبقين في الظل، وأن يصمتن كما اعتاد المجتمع والسياسيون أن يفعلوا بهن، لكنهن خرجن… خرجن بأصوات الأمهات، ولافتات المعاناة، خرجن من قلب العتمة والانهيار، ليطالبن بالخدمات والكرامة، ويؤكدن أن الصمت لم يعد خيارًا، وأن الوجع الذي يحملنه لا يمكن تجاهله أو الالتفاف عليه.


نساء عدن لم يخرجن لأنهن مؤطرات ضمن حزب أو موجّهات من جهة، بل لأنهن يعشن الأزمة لحظة بلحظة: حين تذبل المستشفيات، وتُطفأ الأنوار، وتغيب المدارس، وتنهار الخدمات. خرجن ليقلن إنهن في قلب المشهد، لا على هامشه، ولكن المفارقة أن هذا الحضور البطولي في الميدان يقابله تغييبٌ تام في مراكز القرار.


في قوائم التعيينات، تغيب المرأة، وفي تشكيلات الحكومة، تُستثنى، وفي التفاوض، لا يُستدعى صوتها، وإن وُجد، فبمقدارٍ لا يتجاوز حدود "الكوتا" الشكلية، أو الحضور التزييني في الصور الجماعية.

تمثيلٌ لا يُترجم إلى قرار، ولا يُعبّر عن حجم الدور الحقيقي الذي تؤديه النساء في الشارع وفي المجتمع.


ما جرى في عدن ليس مجرد تظاهرة مطلبية، بل لحظة فارقة تفضح هشاشة منظومة التمثيل، وتُظهر كم هي كبيرة المسافة بين من يتحمّلن الألم ويواجهن الخطر، ومن يتقاسمون السلطة خلف الأبواب المغلقة، فهؤلاء النساء لم يخرجن فقط من أجل الكهرباء والماء، بل من أجل الاعتراف، من أجل أن يُنظر إليهن كشريكات في الوطن، لا كأرقام تُدرج في تقارير المنظمات.


لقد آن الأوان أن نكف عن استدعاء النساء حين نحتاج للتجميل الإعلامي أو لتلبية اشتراطات المانحين، لقد آن أوان الاعتراف بأن الوطن لا يُبنى بنصف المجتمع، وأن سلطة تُقصي النساء عن القرار تُقصي العدالة ذاتها، فمظاهرة نساء عدن، بكل ما حملته من كرامة وصوت، يجب أن تكون بداية لطرح سؤال واضح: إن كانت النساء في الميدان، فأين هنّ حين تُرسم ملامح المرحلة؟