في ظل هذه الأوضاع والظروف الصعبة والمعقدة التي تمر بها البلاد، ويعيش الشعب عذابها وجوعها، ذلك الشعب الذي بفضله وبتضحياته الجسام وصل من نسميهم "إخوة لنا" ونقول إنهم الكيان السياسي الحامل لمشروع قضية شعب ووطن اسمه الجنوب.
هؤلاء، من واجهنا بعضنا البعض من أجلهم، وكنا نراهن على نجاحهم، وفي كل فترة وحدث كنّا نتصوّر ونخلق لهم الأعذار المبررة تجاه تقصيرهم أو توجهاتهم السياسية المنقوصة، التي كانت — وما تزال — السبب الوحيد في ما وصلنا إليه. نحن فقط من لا يزال يأمل ويرتجي منهم الخير، للأسف، بينما هم يسيرون في اتجاهات مظلمة وغامضة، يراها بوضوح كل مهتم ومخلص لقضايا الوطن، وتحرقه نيران ومعاناة عدن، المدينة الأكثر حرًا في العالم.
يراها من يعيش في ظل ظروف اقتصادية مدمّرة، في بلدٍ لا يكفي راتب موظفيه، المستلم بانتظام، لإعالة أسرهم لأكثر من يومين. ومن هنا، كان يمكن أن يبدأ نجاح المجلس الانتقالي الجنوبي، لو أن قيادته استمعت إلى صوت السواد الأعظم من أبناء هذا الشعب، الذين قالوا بوضوح إن مشاركتهم في حكومة المناصفة أصبحت تُدينهم، وتجعلهم شركاء فيما نعانيه اليوم، ولا تعفيهم عندما يقولون في كل عام إنهم سيعلنون من يقف خلف حرب الخدمات التي تُشن على هذا الشعب.
مرارًا وتكرارًا قلنا لهم: إن قيادة الوطن تكون من داخله. وعندما جاء الأخ عيدروس الزبيدي قبل رمضان ووفّر الكهرباء بجهوده الخاصة، قلنا له حينها: لا ترحل، فشعبك تعرف جيدًا معاناته. لكن للأسف، رحل. وللأسف أيضًا، غاب عن اجتماع الرياض الذي شهد تغيير رئيس مجلس الوزراء.
كل هذا يجعل شعب الجنوب اليوم يتساءل: ماذا تفعل قيادتنا؟ وما هي مواقفها تجاه المستقبل في ظل مؤشرات واضحة تقول إن الأوضاع ستزداد سوءًا؟
وماذا عساهم أن يتوقعوا منّا أن نقول؟ سوى أنها مرحلة ربما هي الأخطر في تاريخ الجنوب، خاصة وأنتم اليوم أمام خيارين: إما أن تعودوا إلى وسط الحاضنة الشعبية التي هي أساسكم، فغيابها ضياع لكم، أو أن تستمر حرب الخدمات والمعاناة، وساعتها ستكونون أنتم أول الضحايا، إن لم تتخذوا مواقف تاريخية سيحترمكم من أجلها العالم، وسيدعمكم بها هذا الشعب الذي لم يعد يخشى شيئًا، بعدما أصبحت أدنى مقومات الحياة والعيش الكريم في عداد المفقودين.