بقلم: رائد الفضلي
من يتابع المشهد المؤسف لسير الامتحانات في بلادنا، يُصاب بحزن عميق على حال التعليم الأساسي والثانوي هذه الأيام، وما يزيد القهر هو التضليل الإعلامي المصاحب لسير الامتحانات منذ يومها الأول، من خلال مشاهد التدشين بحضور وكلاء المحافظات ومدراء التربية وبعض رموز السلطات المحلية، وكأن البلاد بألف خير ولا خوف على مستقبل التعليم.
متى سيخجل هؤلاء من الترويج لمظاهر بروتوكولية تهدف فقط للحفاظ على صورتهم المهنية إعلامياً؟! وهم يعلمون تمامًا أن الطالب الذي يتقدم للامتحان ليس مهيأً أخلاقيًا ولا ذهنيًا ولا جسديًا، كما أنهم يعرفون أن من يشرف على الامتحانات ليسوا من أصحاب الخبرة والكفاءة التربوية، بل جُلِب أغلبهم من مدارس خاصة أو من المتطوعين في المدارس الحكومية، بعد وعود بالتوظيف، هربًا من إنصاف المعلم الرسمي ومطالبه المستحقة.
بالله عليكم، هل توجد دولة تُجرى فيها الامتحانات والكهرباء مقطوعة طوال اليوم؟! أي مذاكرة أو تحصيل يمكن أن يحققه الطالب في هذه الظروف؟! لا كتب، لا دفاتر، لا أجواء مساعدة، بل إن بعض الطلاب لا يحملون معهم سوى القلم، منتظرين من يُملي عليهم الأجوبة، لينالوا شهادة مختومة من مكتب التربية، يستخدمونها لاحقًا في سوق العمل!
فلنخجل جميعًا، ويجب أن نبدأ عملية التصحيح من جذورها، أولها إنصاف المعلم، الذي بات يفرش بضاعته على أرصفة الطرقات ليطعم أسرته من فتات راتبه.
تذكروا أن التعليم في عام 1985، رغم محدودية الإمكانيات، كان يصنع نجاحًا حقيقيًا ويضع اليمن في مقدمة الدول من حيث المؤشرات التعليمية. كان ذلك بفضل إرادة سياسية حقيقية أرادت بناء وطن يُباهي به العالم.
فهل من صحوة أخلاقية وعلمية تجاه التعليم في بلادنا؟ أم أن المسرحيات الإعلامية والبروتوكولات المزيفة ستظل غطاءً سياسيًا وتربويًا لفاسدين لا يهمهم إلا البقاء في المناصب؟
أترك هذه الأسئلة لصناع القرار، لعلنا نرى بصيص أمل يضيء مستقبل التعليم.
حافظوا على ما تبقى من التعليم لأجل أبنائكم، فالعاقبة ستعود علينا جميعًا. ففاقد الشيء لا يعطيه.
وللحديث بقية…