سمعنا خبر عاجل على غرار الاخبار العاجلة التي تنقلها لنا بين الحين والآخر القنوات الفضائية ، فتسمرت في مكاني متعودا كعادتي من سماع مثل هكذا اخبار ، جانب من هذه الأخبار ايقظ لدينا شعور مفعم بالأمل تعلقت بزيادات مستحقه في الراتب سواء تحت مسمى زيادة او تحت اي مسمى كانت المهم انها جلبت السرور لقضاة وموظفي المحكمة العليا للجمهورية ولكن المحزن بأن مثل هذه الزيادة قد جاءت نتيجة إعلان اضراب تم بشكل صامت وبعيدا عن الإعلام والعيون ، ولكن هذا الامل سرعان ما تحول إلى ثورة عارمة من الغضب وخيبة امل بعد أن علم قضاة وموظفو المحاكم الابتدائية والاستئناف يقينا حجمهم و مكانتهم السامية لدى مجلس القضاء الأعلى .
فتساءلت هل تخلى مجلس القضاء الأعلى طوعا أو كرها عن مطالب وحقوق قضاة المحاكم الابتدائية والاستئناف بعد أن اختزل مجلس القضاء الأعلى مطالب السلطة القضائية في الجانب المالي على الأقل في قضاة المحكمة العليا بينما نحن قضاة المحاكم نقف على شفا حفرة من السقوط إلى ما دون خط الفقر ، في الوقت الذي يعلم فيه مجلس القضاء الأعلى يقينا عن الظروف الاستثنائية التي يعيش و يعمل بها القضاة الذين لا يتقاضون سوى دراهم معدودات لا يمثل تطلعاتهم تراهم يمشون فرادى وجماعات سيرا على الاقدام يستهلكون ما تبقى لهم من رصيد مجاني من الصحة أو يستخدمون المواصلات العامة مع ما تحمله من الإثارة في الجلوس إلى جانب من حكمت ضدهم ، سيماهم في وجوههم من أثر الارهاق والتعب وقد فتكت الأمراض بأجسادهم منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ومنهم من لازال يقصد المكاتب والادارات على اختلاف مسمياتها بحثا عن تأمين صحي يعفيه من احراجات المرض ، تراهم في الطرقات هائمين ما بين هم توفير متطلبات أسرهم وهم توفير ايجارات مساكنهم وهم ينظرون إلى امكانيات الراتب من طرف حزين .
ليس هناك حاجة لوصف وشرح الحال الذي وصل إليه القضاة و التأثير السلبي لمثل هكذا اخبار على معنوياتهم لأن ما حدث أمر جلل فيه ظلم وخيانة و طعن في ظهر جميع قضاة وموظفي المحاكم ، فالسلطة القضائية هي وحده واحده لا يمكن باي حال تجزئتها على الاقل هذا ما ينص عليه قانون السلطة القضائية الا إذا كان هناك استثناء ولكن مثل هكذا استثناء يجب أن يكون مؤيدا بنص قانوني والا أصبح مثل هذا العمل عبارة عن اجتهاد ليس في محله قد يشعل جدوة الخلاف بين أركان السلطة القضائية ، على غرار قاضيان يسكنان في ذات الدرجة الوظيفية وهي درجة نائب رئيس محكمه عليا يفترض قانونا وفقا لقانون السلطة القضائية أن يتقاضيا ذات الراتب مع بعض الفوارق البسيطة وفقا لامتيازات المنصب الذي يشغله ولكن بعد هذه الزيادة التي طالت قضاة المحكمة العليا دون غيرهم أصبح ما يتقاضيه قاضي محكمه عليا بدرجة نائب رئيس محكمه عليا يختلف جذريا عما يتقاضاه قاضي يحمل ذات الدرجة يعمل في المحاكم الابتدائية أو محكمة الاستئناف وهو الأمر الذي خرب ميزان العدالة فلم يعد هذا الميزان مستويا .
تحسين الحالة المعيشية حق مشروع لكافة موظفي وقضاة السلطة القضائية دون استثناء على اعتبار بأن المعاناة قد أرهقت جميع أعضاء السلطة القضائية وان كان قضاة المحكمة العليا بمناى نوعا ما عن هذه الظروف القاسية بسبب الحوافز المالية والتأمين الصحي الذي يحصلون عليه في الوقت الذي يكابد فيه بقية أعضاء السلطة القضائية للعيش تحت عباءة الستر في انتظار الفرج و لسان حالهم يقول مع الاعتذار للشاعر المتنبي الغلاء اصدق انباء من الراتب