آخر تحديث :الأحد-03 أغسطس 2025-12:58ص

الأدب النسائي في حضرموت ..رغدة البعسي أنموذجًا.

الإثنين - 28 أبريل 2025 - الساعة 06:41 م
سالمين سعيد بنقح

بقلم: سالمين سعيد بنقح
- ارشيف الكاتب


في ظل ما تشهده الساحة العربية من تطور المجال الثقافي بمختلف أنواعه أخذت حضرموت نصيبها من هذه الثورة الثقافية التي تجتاح الوطن العربي بأسره والواقع أنّ هذه من بشارات الخير التي نستبشر بها ونتأمل أن تؤتي أكلها ولو بعد حين، ومنذ زمنٍ بعيد كنتُ أرى أنّ حالنا لن يصلح إلا بثورةٍ ثقافية تقلب الأوضاع ووقود هذه الثورة هم أولئك الشباب أصحاب الهمم العالية والطموحات التي تعانق عنان السماء، وفي حضرموت ثمة العديد من الكُتّاب والشعراء الذين يسيرون نحو القمة بخطى ثابتة وصحيحة يعرفون معنى الأدب ويقدرونه حق قدره ويأخذون على عاتقهم مهمة إصلاح المشهد الثقافي في حضرموت ويخلصونه من الشوائب التي لطالما علقت به وترسخت فيه منذ زمن بعيد ولكنّ الأمر اختلف اليوم كثيرًا فأصبحنا نرى ثُلة كبيرة من الشباب الذين يمتلكون أقلامًا مبدعة تسطر الإبداع والفن وهولاء هم الذين سيصنعون المستقبل ويضعون أسسه وقواعده.

لو عدنا بالزمن إلى الوراء قليلًا إلى ما قبل عام ٢٠١١م سنرى أنّ حضرموت لم يكن بها كاتبات مبدعات كثر نعم كانت هناك فئة كتبت لكنها ليست كثيرة كما هو الحال اليوم والحمد لله، فنحن اليوم نشاهد حراكًا ثقافيا جميلًا يبشر بالخير الكثير.

ومن الكاتبات اللواتي يلفتن الانتباه من أول مرة الكاتبة والقاصّة رغدة طاهر البعسي ابنة مدينة المكلا التي طرب اسمها سمعي أول مرة قبل عدة أشهر عندما كثر الحديث عن مسرحية قامت بكتابتها هي بعنوان: (شرخ عائلي) هذه المسرحية التي لاقت صدىً واسعًا وذلك لأنها عالجت أمرًا معينًا في المجتمع ولامست قلوب الناس فكان لها هذا الصدى الواسع والكبير، وبعد ذلك طفقتُ أقرأ لها نصوصا من هنا وهناك فتكونت لدي خلفية لا بأس بها عنها ووجدتُ فيها كاتبة مبدعة تسير في الطريق الصحيح نحو تحقيق حلمها وحلمنا المنشود، ولا يخفى على المقربين منها شغفها واهتمامها بالمسرح والكتابة المسرحية وكم نحن بحاجة إلى تفعيل دور المسرح اليوم بعد غياب طويل فمنذ العصور القديمة إلى ما قبل الميلاد كان المسرح هو الوسيلة الأولى التي تناقش فيها قضايا المجتمعات وقد تفنن القدماء والمتأخرين في كتابة مسرحياتهم لانتقاد سياسات معينة أو معالجة قضايا اجتماعية..إلخ، ومما يبشر بالخير أيضًا في حضرموت جهود مؤسسة حضرموت في إحياء المسرح وذلك بإقامة ورش تدريبية تتعلق بالكتابة المسرحية وعرض وتمثيل المسرحيات على نطاق واسع، ومن المعروف أنّ حضرموت كان لها دور كبير في المسرح منذ القدم وكان لدينا الكثير من الكتاب الذين لهم بصمات في المسرح وكذلك في الإخراج والتمثيل، وآخر ما وقع تحت يدي من أعمال أ.رغدة البعسي قصتها التي نُشرت في كتاب: (رؤى ..لحظات من الذاكرة) الذي أصدره مكتب الثقافة بساحل حضرموت هذا الكتاب الذي ضم نخبة من كاتبات حضرموت المبدعات اللواتي نرى فيهنّ مستقبلًا مشرقًا، وكان عنوان قصة أ.رغدة (حفنة قبول) تحدثت فيها عن شخصية من ذوي الهمم عانى من مشاكل في حياته فتصنع مرضًا معينًا حتى يلفت الانتباه له! فاختار المرض على العافية!، حبكت القصة وأحداثها جاءت بأسلوب شيّق وحميل والسرد فيها رصينًا ومتينًا ومما يعجبني في كتابات أ.رغدة أنها تستعمل جملًا قصيرة تؤدي عدة أغراض في آن واحد فلا اطيل في موضع الاختصار ولا تختصر في موضع الإطالة، تأتي نصوصها كاملةً دائمًا بأسلوب رفيع متميز وشيّق، وما دام لدينا كُتّابًا بهذا المستوى في حضرموت فإننا نسير في درب واضح المعالم مقبلين بإذن الله على ثورة ثقافية ستغير كل شيء، ومن هنا نطلق نداءً إلى من يهمه الأمر للاهتمام بمأساة هولاء الكتاب الذين يتطلعون إلى بناء مستقبل جديد أفضل بكثير من الماضي؛ لأن الشباب هم عماد النهضة وصناعها فإن لم يتم الاهتمام بهم فإن العواقب ستكون وخيمة ولن نتزحزح من بؤرة التخلف ما حيينا!.

ليست أ.رغدة فحسب من تكتب بأسلوب مميز وجميل هناك كاتبات أخريات يسرن على خطاها مما يجعلنا نستبشر أكثر فأكثر ونرى أمام أعيننا كيف يتطور السرد الأدبي النسائي في حضرموت وهنا دعوة أيضًا للأدباء والنقاد بتبني هولاء المبدعات وتحفيزهن ونقد ما يكتبن نقدًا أدبيًا يساعدهن في تطوير مواهبهن حتى نحقق ما نصبو إليه.

ومن تتبع نصوص أ.رغدة يجد أنه ليس أمام كاتبة عادية تتخذ الكتابة للترويح عن نفسها فقط بل يدرك أنّ هذا القلم الذي تخط به كلماتها ليس قلمًا عاديًا بل قلم الأديب الأريب وكأني بها تضع نصب عينيها أولئك اللواتي صنعن الوعي الثقافي في القرن المنصرم كبنت الشاطئ وغادة السمان ومي زيادة وغيرهن من ربّات الأقلام الجميلة!.

نتطلع لقراءة المزيد من إبداعات هذه الكاتبة في مجال القصة والخواطر والمسرحيات حتى نستمتع ونستلذّ بالأدب الرفيع في ظل انتشار هذا الغثاء الذي يطبق على عقولنا!.