آخر تحديث :الجمعة-09 مايو 2025-10:06م

مجلس الثمانية… وحصاد ثلاثة أعوام من الخيبات والتشظي

الجمعة - 11 أبريل 2025 - الساعة 01:45 ص
اللواء الركن سعيد الحريري

بقلم: اللواء الركن سعيد الحريري
- ارشيف الكاتب


في السابع من أبريل 2022، وُلد “مجلس القيادة الرئاسي” على أنقاض شرعية مترنحة، كمحاولة أخيرة لإعادة لملمة القوى المناهضة للحوثيين، وتشكيل جبهة موحدة لقيادة البلاد نحو استعادة الدولة وتحقيق السلام. غير أن مرور ثلاثة أعوام على تشكيل المجلس، لم يقدّم سوى حصيلة مرّة من الخيبات، والانقسامات، والعجز عن الفعل، مما أعاد طرح السؤال الجوهري: لماذا فشل المجلس في أن يكون قاطرة للمرحلة الانتقالية؟


سياسيًا: توازن هش وعجز عن الفعل


منذ لحظة التشكيل، بدا المجلس وكأنه محاولة لترتيب التوازنات لا لبناء مشروع دولة. فالأطراف الثمانية التي يتشكل منها، تحمل أجندات متباينة، وخلفيات متصادمة، ومصالح متضادة. وبدلًا من أن يتحول المجلس إلى مؤسسة قيادية جامعة، تحوّل إلى منتدى للتنازع وتقاسم النفوذ.


غياب الرؤية السياسية الواضحة، واستمرار الخلافات بين مكونات المجلس، شلّ عملية اتخاذ القرار، وأضعف من حضور الشرعية على المستويين المحلي والدولي. كما أن الغياب المتكرر لرئيس المجلس عن الداخل، أسهم في ترسيخ حالة من الفراغ القيادي، وترك الباب مفتوحًا أمام القوى الإقليمية لإدارة الملف اليمني دون غطاء سيادي حقيقي.


عسكريًا: تفكك القرار وانطفاء الجبهات


عسكريًا، لم يتمكن المجلس من إعادة تنشيط الجبهات أو توحيد القرار العسكري. بل حدث العكس تمامًا: تراجع العمليات القتالية، جمود خطوط التماس، وتعاظم نفوذ التشكيلات العسكرية المناطقية التي تتبع الولاء لا الدولة.


لا يوجد جيش وطني موحد اليوم، بل هناك قوى متباينة ترفع شعارات متقاربة وتتحرك وفق حسابات متباعدة. وهذا الوضع انعكس سلبًا على معركة استعادة الدولة، التي بدت وكأنها مؤجلة إلى أجل غير مسمى.


اقتصاديًا وخدماتيًا: انهيار الثقة واتساع الفجوة


في الملف الاقتصادي، لم ينجح المجلس في إيقاف الانهيار أو تحسين معيشة المواطنين. العملة واصلت التدهور، الأسعار ارتفعت بشكل جنوني، والخدمات الأساسية غائبة عن معظم المحافظات المحررة.


رغم الدعم السخي الذي تلقته الحكومة من الأشقاء، لم تنجح السلطات في خلق نموذج إداري أو اقتصادي مستقر في مناطق سيطرتها. الفساد مستشرٍ، والشفافية غائبة، والانقسام السياسي انعكس على الأداء الاقتصادي، لتتضاعف معاناة المواطنين الذين لم يعد يهمهم من يحكم، بقدر ما يهمهم أن يعيشوا بكرامة.


علاقة مرتبكة مع التحالف


المجلس الرئاسي لم يتمكن أيضًا من بناء علاقة متوازنة مع التحالف العربي. فبدلًا من العمل على إدارة العلاقة بندّية واحترام متبادل، تحول إلى أداة ضمن أجندة إقليمية متباينة. واختلاف مكونات المجلس حول شكل العلاقة مع السعودية والإمارات، ساهم في إرباك المشهد، وتعطيل أي مسار وطني مستقل.


الخلاصة: مجلس بلا مشروع


بعد ثلاث سنوات من تشكيله، يظهر مجلس القيادة الرئاسي كجسم بلا روح، وكيان بلا مشروع. لا هو نجح في توحيد الصف الوطني، ولا استطاع تحريك الجبهات، ولا قدّم نموذجًا إداريًا يحظى بالثقة. بل إن ما تحقق على يديه لا يتجاوز إعادة إنتاج الانقسام، وتمديد الأزمة، وتأجيل الحسم.


إننا بحاجة اليوم إلى وقفة مراجعة شجاعة، تُعيد النظر في بنية المجلس، وآلياته، وأولوياته، قبل أن تتحول الشرعية نفسها إلى عبء على اليمنيين، لا أداة لاستعادة دولتهم.