في تلك الغرفه المظلمة تنظر تلك الفتاة الصغيرة من ثقب النافذة المغلقة والمصدر الوحيد لدخول أشعة نور منه فالخرم صغير جداً بالكاد يتسع لجزء صغير مما تنشرة الشمس من نور لكي يدخل على تلك الصغيرة هناك من تلك الفتحه فقط تستطيع رؤية ما خارج تلك الغرفة وأمنية واحده تجول في مخيلتها منذ فتح عيناها صباحاً حتى إغماضهما ليلاً، متى تستطيع أن تفتح هذه النافذة اللئيمة على أوسع ماتستطيع وتشاهد من هذا العالم الخلاب اكثر واكثر كل يوم يزيد شوقها وتخيلها لكيفية الاشياء الجميلة الموجودة في الخارج ولكيفية لقائها بأول صديقة والتعرف على المجتمع والخروج للمروج والحدائق والروابي لكل شي خارج هذه الغرفه ولأي شي بعيد عن عتمة غرفتها منتظرة متى تصل للسن المناسب لها ليشتد عودها وتزداد قوة ويكون في مقدورها فتح النافذة تلك على أوسع ماتستطيع ومرت الشهور والسنين والترقب والحنين يزدادان وأخيراً اتى يومها المنتظر يوم الخروج الى الحريه يوم التعرف على بيئة جديدة عليها وتجارب مشوقه ومغامرات ومدت ذراعيها الى اقصى الحدود وهي تفتح أبواب نافذتها المغلقه وتنظر الى الخارج بالابتسامه المشرقه والأسنان اللؤلؤية الجميلة وإذا بها ترى خراباً المناخ الخلاب النقي الذي كان بمخيلتها أصبح هنا في الواقع ضبابا أسود ممتلىء بالسموم وتلك الحديقه هناك بدلاً عنها اسفلت صلب قاسي ليس به حياة معتم كعتمة صندوق حبسها أولئك البشر الذين تريد التعرف عليهم يمشون منحنين الظهر هناك حدبه عملاقه تعشعش على اعمدتهم الفقرية كأن تلك الحدبه جمعت كل ما اقترفوه في حياتهم من ذنوب داخل جوفها وكل ما تكاثرت ذنوبهم زادت بشاعه اجسامهم وثقلت حدباتهم وزادوا في الانحناء الهواء كاتم على الأنفاس والكآبة رغم الشمس الساطعة مسيطرة على الأجواء ذبلت عينيها الصافيه في حزن شديد وتمنت لو يعود ذلك المنظر القديم الذي كانت تراه من خرم النافذة وتمنت لو لم تكبر ولم تبصر ماتبصره الان كل مازاد العالم تطور كل ما ثقلت الأوزار فعادت واغلقت نافذتها وسدت خرمها الصغير فالعالم لم يعد فيه مايسعد فقير
فاطمة عصام مريسي