أزمة سياسية في أوساط النخبة الجنوبية، وحوّلت القيادات العليا مسؤولية القرار إلى كيانات وأحزاب متنافرة تفتقر إلى وحدة الرأي والتشاور، ولا تزال أسيرة للعقلية التي كانت سائدة في الجنوب سابقًا.
على سبيل المثال، فرض الحزب الحاكم وقياداته، المنتمية إلى الجنوب الاشتراكي سابقًا، الوحدة اليمنية على الجنوبيين، وعمل على دمجها بقرار من القيادات الحاكمة، وليس بإرادة الشعب.
تسببت قلة من القيادات بضياع الهوية الوطنية الجنوبية، مدفوعين بمصالحهم الشخصية المتمثلة في الحفاظ على السلطة وتأمين المكاسب المادية، ومتجاهلين مصير الوطن.
ولا يزال هذا التمييز العنصري موجودًا حتى اليوم في جماعة الانتقالي، ويجب على هذه القوى أن تعالج نفسها من الحقد والكراهية وأن تتحلى بالمنطقية.
في المحافظات الجنوبية، تفاقمت مظاهر الإقصاء والتهميش والظلم والحرمان في ظل النظام الاشتراكي الشيوعي، وغياب أي عقلية ناضجة قادرة على معالجة الصراعات السياسية. وقد تأزم الوضع في الجنوب حتى عام 1990م، إلى أن تحققت الوحدة اليمنية المباركة،والتي صاحبها انفراج شعبي.
ومع ذلك، استمرت الأخطاء. ففي العاشر من أغسطس عام 2019، قُتل أكثر من 300 شخص وجُرح ما يزيد عن 200 آخرين على مشارف العاصمة عدن، نتيجة لتدخل طيران...الإمارات. هؤلاء الضحايا، الذين شهداء جنوبيين من أبين وشبوة وحضرموت، قُتلوا ظلمًا، وشُوّهت سمعتهم إعلاميًا من قبل المجلس الانتقالي الذي اتهمهم زورًا بأنهم عناصر إرهابية وقاعدة.
والحقيقة أنهم كانوا يطالبون بحقوقهم بصفتهم أفرادًا من المقاومة الجنوبية التي حررت عدن من الحوثيين، لكنهم تعرضوا للتهميش والإقصاء والطرد من عدن،
عندما تم الانقلاب من قبل مليشيات الانتقالي على الحكومة الشرعية علمًا بأنهم كانوا هم المسيطرين عليها.
فهل ستُغفر هذه الدماء التي أُريقت؟هل سينسى الآباء والأمهات أبناءهم؟ وإلى أيّ مدى سيصل بهم الأمر؟
هل استُعيدت الدولة الجنوبية؟ الجواب: لا.
وهل حصلتم على اعتراف دولي؟ الجواب: لا.
كل ما في الأمر هو الهوس بالكرسي والفساد ونهب الأراضي والأحواش. لقد قتلتم الأبرياء وأئمة المساجد من أجل تحقيق هذه الغاية الفاسدة، وتنفيذًا لمخططات مشبوهة لبناء الجنوب.
يُقال إن المجلس الانتقالي يعزز العنصرية بشكل ملحوظ، وذلك لعدم قدرته على فهم الجنوب وتقديره حق قدره، فضلاً عن عجزه عن الاستئثار به. فالوضع بالغ الصعوبة، ويتطلب تصحيح الأخطاء، وقد آن الأوان لاحتضان الجنوب لجميع أبنائه قبل الانزلاق في صراعات إلى الهوية.
ومع ذلك، لا يزال الخطأ قائماً. ومؤخرًا، شهدت محافظة حضرموت خلافات بالتزامن مع زيارة رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي، وتوقع البعض وقوع اشتباكات بين قبائل حلف حضرموت.
إضافةً إلى ذلك، تعرضت بعض الأطراف للشتائم والتجريح من قِبل ميليشيات المجلس الانتقالي. تعود هذه الإشكاليات إلى غياب الفهم والحوار والتفاهم بين الأطراف الفاعلة في حضرموت بشأن مختلف القضايا. يجب على الجميع أن يفهم أن حضرموت لديها كيانات سياسية متنوعة انتهاء حبني بغصب.
لا يزال المجلس الانتقالي يعاني ضعفًا سياسيًا ونقصًا في الخبرة السياسية، ويحتاج إلى قيادات تتبنى حلًا سياسيًا حقيقيًا، مع إدراك عميق للقضايا السياسية وقدرة على التأثير السياسي الفاعل، خاصةً أنه يدعي تمثيل قضية الجنوب والشرعية. لذلك، يجب أن يتسع لجميع المكونات السياسية، وأن يتقبل التغيير والتنازل، لأن مصلحة الوطن لا يمكن أن يختزلها حزب واحد ينفرد بتقرير مصير الوطن.
تقع المسؤولية على عاتق جميع القوى السياسية والحزبية. نطالب السياسيين بالسعي إلى تقريب وجهات النظر والخروج من حالة الفوضى الراهنة في المحافظات الجنوبية، وتشكيل تكتل موحد يمثل الجنوب.