في مشهد يُجسّد الانهيار الكامل لمؤسسات الدولة، يتحوّل مجلس النواب اليمني المنتهي الصلاحية إلى مجرد “مجموعة واتساب”، تُدار عبرها شؤون البلاد وكأنها دردشة عائلية! لم تشهد أي دولة في العالم هذا المستوى من العبث، حيث يتم منح مجلس فاقد للشرعية دورًا في صناعة القرار، رغم أن ولايته الدستورية والقانونية انتهت قبل عقدين من الزمن!
مجلس نواب خارج الخدمة منذ 20 عامًا
لم تُجرَ أي انتخابات برلمانية في اليمن منذ أكثر من عقدين، ليظل المجلس مجرد كيان متحلل، منقسم بين صنعاء وما يُسمى بالشرعية، بينما أغلب أعضائه قد توفاهم الله أو خرجوا من المشهد السياسي. مجلسٌ عاجزٌ حتى عن عقد جلسة واحدة مكتملة النصاب، ومع ذلك يتم الإبقاء عليه كواجهة شكلية لا أكثر، في محاولة بائسة لإضفاء شرعية زائفة على قرارات تُمرَّر خارج إطار الدستور والقانون.
عبث حتى في مجموعة واتساب!
لم يتوقف الأمر عند تحويل البرلمان إلى كيان افتراضي، بل حتى داخل “جروب واتساب المجلس”، لم يستطيعوا الاتفاق! يعبثون فيما بينهم، يتخاصمون ويتنازعون في رسائل نصية، فكيف لهم أن يتفقوا داخل قبة البرلمان التي فقدوها أصلًا؟ وكيف لمن فقد ثقة الشعب بانتهاء فترته الدستورية أن يكون جزءًا من أي حل سياسي؟
طفح ريح الفساد.. ورائحته تزكم الأنوف!
لقد طفح ريح هذا المجلس، وخرجت رائحته الكريهة التي تزكم الأنوف، حتى بات الجميع يدرك أن هذا الجسم الميت لم يعد يصلح لأي شيء سوى دفنه. فلا هو ممثلٌ للشعب، ولا هو قادر على التشريع، ولا يمكنه حتى الاجتماع وجهًا لوجه! كيف يمكن لمجلس تنبعث منه روائح العفن السياسي أن يكون جزءًا من أي حلٍّ لمستقبل اليمن؟
كرامة الميت دفنه!
في أي دولة تحترم نفسها، يتم حلّ المجالس المنتهية الصلاحية وإجراء انتخابات جديدة، لا إبقاؤها في حالة “تحنيط سياسي”. وكرامة هذا المجلس – الذي لم يعد له وجود حقيقي – أن يُدفن نهائيًا، لا أن يُستخدم كأداة في صراعات المصالح. الإصرار على إبقاء مجلس ميت دليلٌ على عجز النظام عن بناء مؤسسات شرعية حقيقية تعبّر عن إرادة الشعب، وليس مجرد ديكور سياسي لتحصيل الاعتراف الدولي أو تمرير الصفقات.
النهاية الحتمية لهذا العبث
تحويل مجلس النواب إلى “مجموعة واتسابية” هو السقوط الأخير لهذا الكيان الميت. فالدول لا تُدار برسائل نصية، والشعوب لا تُحكم بمؤسسات زائفة فقدت صلاحيتها منذ عشرين عامًا. إذا لم يتم دفن هذا المجلس سياسيًا، فإن اليمن سيظل رهينة لدوامة الفشل والفساد، حيث تُحكم البلاد عبر كيانات لا وجود لها إلا في الخيال السياسي لبعض المستفيدين.
لقد مات هذا المجلس منذ زمن، وحان وقت دفنه، لأن كرامة الميت دفنه، وما يطفح من روائحه النتنة لا يُصلح للسياسة ولا للوطن! وإذا كانوا عاجزين حتى عن الاتفاق في “جروب واتساب”، فكيف لهم أن يقودوا بلدًا؟
اللواء الركن : سعيد الحريري