آخر تحديث :الأحد-17 أغسطس 2025-02:26ص

إدخال السرور على الآخرين

الخميس - 20 مارس 2025 - الساعة 01:54 م
محمد عبدالله المارم

بقلم: محمد عبدالله المارم
- ارشيف الكاتب


الحياة مليئة بالتعب والمشقة، وكل لحظة صفاء فيها سرعان ما يعكرها شيء ما.. هذه طبيعة الدنيا، لا تخلو من الاختبارات والمحن. لكن في وسط هذه المتاعب، تظل لحظات العبادة الصادقة لله هي الملجأ الحقيقي الذي يمنح الإنسان الطمأنينة والسلام.

كل إنسان في هذه الحياة يحتاج في وقت ما إلى من يواسيه، يخفف عنه آلامه، ويقف بجانبه في أوقات الشدة. إدخال السرور على قلوب

الناس هو من أروع ما يمكن أن يقدمه الإنسان لأخيه، بل هو من أحب الأعمال إلى الله. يقول النبي ﷺ: "أحب النا⁸س إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم؛ تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينًا، أو تطرد عنه جوعًا. ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهرًا."

ليس من الضروري أن يكون إدخال السرور بالمال او بشيء كبير. أحيانًا تكفي ابتسامة صادقة، أو كلمة طيبة، أو حتى مجرد اهتمام صادق. الابتسامة وحدها لها أثر كبير في كسب القلوب، وقد قال النبي ﷺ: "لا تحقرن من المعروف شيئًا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق." وهذا ما كان عليه النبي ﷺ؛ كان دائم الابتسام، لا يرد أحدًا، ولا يقابل أحدًا إلا بوجه طلق وبشاشة صادقة.

في أحد الأيام، كنت متوجهًا إلى مكان عملي في مدينة جدة. بينما كنت أعبر الطريق، لفت انتباهي رجل مسن يجلس على جانب الطريق، يبدو عليه الحزن الشديد. ترددت قليلًا، ثم قررت أن أتوقف. اقتربت منه وسألته بلطف إن كان بحاجة إلى مساعدة. نظر إلي بدهشة وقال: (لا، فقط أشعر بالوحدة). جلست بجانبه وتحدثت معه لبعض الوقت. أخبرني أنه يشعر بوحدة شديدة، إذ لم يعد يجد من يشاركه الحديث أو يهتم لأمره. ابتسم العجوز في النهاية وقال: (يا بني، لم أكن أحتاج سوى لمن يستمع لي). تلك اللحظة علّمتني أن أحيانًا الكلمة الطيبة والإنصات الصادق قد يكونان أعظم هدية نقدمها للآخرين.

السعي في قضاء حوائج الناس ومساعدتهم في أوقات الشدة ليس فقط عملًا إنسانيًا، لكنه أيضًا طريق لرفع القدر عند الله. أن تفرج عن شخص كربة، أو تعين محتاجًا، أو حتى تخفف عن إنسان همًا بكلمة طيبة — كل هذا له أجر عظيم عند الله.

نصيحة اليوم:

ابدأ بنفسك، أصلح ما بينك وبين الله، ثم انتقل إلى بيتك وأسرتك، وكن عونًا لمن حولك. إدخال السرور على القلوب طريق للسعادة في الدنيا، وثواب عظيم في الآخرة. ابتسامة صادقة أو كلمة طيبة قد تغير يومًا بأكمله، فكن أنت مصدر النور في حياة من حولك.