في زوايا هذا الوطن الجريح، حيث تتعانق الآلام وتتشابك الأقدار، يستحيل على القلب أن ينسى، كل صباح يشرق علينا كأنه يحمل في طياته عبئاً من الأحزان، وكل ليلة تغرب كأنها تودع أحلامنا الميتة. الحياة، التي كانت يوماً حلماً جميلاً، أصبحت الآن كابوساً يلاحقنا في كل منعطف.
نعيش في عالمٍ من الصراعات، حيث تندلع الحروب في قلوبنا قبل أن تُشعل النيران في أرضنا.
لم يعد للوجود معنى، ولم تعد الحياة مجدية ، نحن سُجناء في واقعٍ خانق، نُجبر على الاستمرار بلا إرادة، وكأننا دمى تحركها خيوط من الألم.
نرى أحلامنا تتلاشى كسرابٍ في صحراء قاحلة، ونتجرع مرارة العيش يوماً بعد يوم، لا شيء يعلق عليه الأمل اليوم، فأي مرفأ نلوذ به في بحر من اليأس؟
حاضرنا مؤلم، يجرنا إلى هاويةٍ سحيقة، ومستقبلنا مظلم كليلٍ بلا نجوم، جيلنا يدفع الثمن الباهظ، والأجيال القادمة تسير على خطى خاسرة، دون أي ذنب سوى أنهم وُلدوا في وطنٍ بلا سيادة، بلا مستقبل.
أليس من العار أن نرى أبناءنا يكبرون في بيئةٍ تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة؟
الصراعات الدينية والسياسية التي تأكل من لحم هذا الوطن، تغذيها أطرافٌ إقليمية كأنها تسعى إلى إغراقنا في أزمات لا تنتهي، نحن مجرد ضحايا في لعبةٍ لا نفقه قواعدها، لكننا نُجبر على تحمل عواقبها. أصبحت بلادنا ساحةً للحروب بالوكالة، والدماء التي تُسفك ليست سوى ثمنٍ باهظ يدفعه الأبرياء.
أرواحنا تئن تحت وطأة الفقر والعزلة والخوف، وأصواتنا تُختنق في زحمة الصراخ، نسمع عن الأمل في الأخبار، لكن كيف يمكن للمرء أن يتأمل في مستقبلٍ يزداد سواداً كل يوم؟ كيف نُعلّم أطفالنا معنى الحياة في زمنٍ يُروّج فيه للموت؟
لكن، رغم كل ذلك، يبقى الأمل هو الشرارة التي تُضيء دروبنا حتى في أحلك اللحظات، نجد من يُؤمن بأن هناك غداً أفضل، أولئك الذين لا يزالون يحلمون بوطنٍ يسوده السلام، حيث يُمكن لكل رجل أن يعيش عيشةً كريمة وكل طفل يلعب دون خوف، ولكل شاب أن يحقق أحلامه دون عوائق.
لن نسمح لليأس بأن يُغلق أبواب الأمل. سنستمر في النضال، وسنُعبر عن آلامنا بلغةٍ تفهمها الأجيال القادمة، سنكتب قصة كفاحنا بأحرف من صمود، وسنزرع بذور الأمل في قلوب من حولنا، سوف نُعيد بناء الوطن، وسنجعل منه ملاذاً للجميع، حيث يمكن لكل فرد أن يشعر بالانتماء والكرامة.
لقد حان الوقت لنتحد، لنرفع أصواتنا معاً، ونعيد صياغة مستقبلنا بأيدينا، لن نكون مجرد أرقام في سجلات الحرب، بل سنكون حكايات من النضال والأمل، سنبني وطناً جديداً، وطناً يعكس أحلامنا وآمالنا، وطناً يستحق أن نعيش فيه بعزةً بكرامة.