نعلم يقيناً أن خروج المواطنين الى الشارع للتنديد بتدهور الأوضاع الإقتصادية وإنهيار العملة وارتفاع الأسعار لن يحظى بترحيبكم وسيسوؤكم ويغضبكم وستعُدون ذلك بداية ثورة تمرد ضد سلطاتكم وربما تسفر عن الإطاحة بكم عن سدة الحكم في حال كُتب لها الإستمرار وتنامي أعداد أنصارها، ونعلم أيضاً أنكم وبناءً على هذا الفهم المشوّه ستسعون لإستخدام كل ماتمتلكونه من وسائل لقمع و إخماد شرارة هذه الثورة، لكن كونوا أنتم على علم ايضاً بأن لجوئكم لهذه الوسائل لن يحقق الغاية التي تطمعون في تحقيقها، بل على العكس من ذلك تماماً وسوف يساهم تصرفكم هذا في تفاقم الأزمة وتعقيدها، وستتصاعد وتيرة تلك الثورة الشعبية يوماً عن يوم مع كل قطرة دم تسفك وكل روح تزهق وكل عملية إعتقال وملاحقة ، وفي لحظة ما ولو بعد حين ستجدون أنفسكم أمام ذلك المصير الذي تفرون منه اليوم .
فما هو الحل إذن ؟!!
بالتأكيد انكم لستم مضطرين لهذا السيناريو الدرامي العنيف الذي قد يكلفكم ويكلف شعبكم ثمناً باهضاً وهناك حل آخر أفضل منه لايحتاج منكم سوى الى شيء من الإرادة الصادقة وبعضاً من الجهد وقليلاً من التخلي عن حظوظ النفس وأهوائها، وهذا الحل يتمثل في عقد العزم على إعادة النظر في مجمل السياسات والممارسات الخاطئة التي أوصلت البلد الى هذه الحال المتردي والتدهور الإقتصادي المريع، والبدء بإجراء إصلاحات جذرية في منظومة الجهاز الإداري لمؤسسات الدولة وإستبعاد كافة العناصر الفاشلة فيها او المتورطة منها في قضايا الفساد ونهب المال العام وإستبدالها بعناصر أخرى كُفأه تمتلك مؤهلات قيادة مركب تلك المؤسسات الى مرافئ النجاح.
الخطوة التالية هي العمل على وضع يدكم على المصادر الإيرادية للدولة وعدم السماح لأي جهة خارج النطاق الرسمي بإستلام هذه الإيرادات والتصرف فيها تحت أي مبررات، ومن تلك المصادر بالطبع إيرادات المنافذ البرية والبحرية والمطارات وكذا عائدات بيع الثروة النفطية ومشتقاتها والمعادن وغيرها من الموارد الطبيعة.
فإن نجحتم في ذلك فهذا سينعكس إيجاباً على الوضع الإقتصادي والمعيشي للمواطن، وستتمكن الدولة من توفير الخدمات الضروية التي خرج اليوم ابناء الشعب للمطالبة بها كالكهرباء والمياة والخدمات الصحية، هذا بالإضافة الى إمكانية إصلاح البنية التحتية وتطويرها بما يتواكب وحجم الزيادة السكانية والتوسع العمراني التي تشهده الكثير من المدن الرئيسية في مختلف المحافظات وتلك هي اقصى الأماني التي يطالب بها ويتمناها كل مواطن وعليكم أن تحمدوا الله على هذا الشعب الذي لايطمع في الكثير بل في هذه المطالب المتواضعة والبسيطة والتي لاتحتاج الى معجزات لتلبيتها.
فإن كنتم قادرين على تلبيتها فافعلوا وأخرسوا ألسنتنا وألسنة الجميع وإلا فلتغادروا السلطة بإرادتكم قبل أن تُجبركم ثورة الشعب على مغادرتها راغمين .
وإنّا لكم لناصحون
"" "" "" "" "" "" ""