آخر تحديث :الجمعة-28 نوفمبر 2025-04:50م

واقع الأحزاب السياسية اليمنية.. بين المشاركة والجمود السياسي

الإثنين - 03 فبراير 2025 - الساعة 08:44 م
حمامة الصنوي

بقلم: حمامة الصنوي
- ارشيف الكاتب


الأحزاب السياسية في أي نظام ديمقراطي تعد عنصرًا أساسيًا في تشكيل الحياة السياسية، حيث تلعب دورًا مزدوجًا بين المشاركة في الحكم وممارسة دورها كمعارضة. إلا أن الواقع اليمني يقدم صورة مختلفة، حيث تعاني الأحزاب من حالة ضعف وتراجع في تأثيرها، خاصة بعد دخولها في الحكومة، مما أفقدها وظيفتها الأساسية في الرقابة والمساءلة ،ومن المعلوم بأنه

في الأنظمة الديمقراطية الفاعلة، تُشكّل المعارضة الحزبية وسيلة مهمة لمراقبة أداء الحكومة وتقديم البدائل السياسية، إلا أن الأحزاب اليمنية فقدت هذا الدور تدريجيًا ، حيث ان انخراطها في السلطة التنفيذية جعلها جزءًا من المشكلة بدلًا من أن تكون رقيبًا عليها، فقد أصبحت مصالحها مرتبطة بالحفاظ على الوضع القائم، بدلًا من الدفع نحو تغييره أو إصلاحه.

إن إحدى المشكلات الرئيسية التي تعاني منها الأحزاب اليمنية هي الاستقطاب الحاد، الذي جعلها عاجزة عن تبني مواقف وطنية مستقلة. فقد أصبحت بعض الأحزاب مرتهنة لأجندات إقليمية ودولية، ما جعلها تفقد استقلاليتها وقدرتها على تمثيل الشعب بصدق. بدلًا من أن تكون صوتًا للمواطنين، تحولت إلى أدوات لخدمة مصالح أطراف خارجية، مما زاد من تشرذمها وفقدانها للشرعية الشعبية.

و مع تصاعد الصراع المسلح في اليمن، تراجعت الأحزاب السياسية أمام هيمنة القوى العسكرية والقبلية، حيث بات المشهد السياسي يُدار من قبل جماعات مسلحة أو قوى غير مدنية، وهذا جعل العمل الحزبي يبدو هامشيًا. الأحزاب التي كانت سابقًا تمتلك نفوذًا شعبيًا أصبحت الآن ضعيفة، وغير قادرة على تحريك الجماهير أو التأثير في مجريات الأحداث.

و إضافةً إلى الضغوط الخارجية والاستقطاب السياسي، تعاني الأحزاب اليمنية من انقسامات داخلية، حيث شهدت العديد من الأحزاب انشقاقات أضعفت بنيتها التنظيمية وأثرت على فعاليتها السياسية. هذه الانقسامات جعلت من الصعب على الأحزاب تقديم رؤية موحدة أو برنامج سياسي متماسك، مما زاد من تراجعها وفقدانها للثقة الشعبية.

و في ظل هذا الوضع، لم تعد هناك معارضة حقيقية في اليمن، بل تحولت المعارضة إلى مجرد "معارضة ناعمة" داخل الحكومة نفسها، حيث تنتقد بعض الأطراف بعضها الآخر دون أي تأثير حقيقي على مسار السياسة العامة. ، وصارت المعارضة الحقيقية حاليا تتمثل بمعارضة شعبيه مجتمعية مشتتة لا تمتلك أي أدوات ضغط فعالة ،،، وكثيراً ما نتساءل ،، هل هناك أمل في إصلاح الأحزاب السياسية؟؟؟

إن الواقع السياسي اليمني الحالي لا يبشر بإمكانية استعادة الأحزاب لدورها الطبيعي في المستقبل القريب، ما لم يحدث إصلاح جذري داخل هذه الأحزاب نفسها. يجب أن تعيد الأحزاب بناء هياكلها التنظيمية، وتستعيد استقلاليتها، وتتحرر من التبعية للخارج، وتعود للعمل كأدوات ديمقراطية تمثل الشعب بدلاً من أن تكون مجرد أدوات في يد القوى المسيطرة. بدون ذلك، ستظل الأحزاب اليمنية مجرد كيانات شكلية غير قادرة على تحقيق أي تغيير حقيقي في المشهد السياسي.


*حمامة عثمان*